السبت، 22 أكتوبر 2011

رسالة إلى المجلس العسكري


                                              بسم الله الرحمن الرحيم
                             رسالة إلى المجلس العسكري
أيها السادة اسمحوا ليً بادئ ذي بدء بأن أقدم لكم عظيم الشكر والامتنان على ما قدمتموه في الماضي والحاضر في سبيل رفعة هذا الوطن، وما ستقدمونه في المستقبل في سبيل الحفاظ على أمنه واستقراره.
أيها السادة أنا مجرد مواطن مصري إن لم أكن فاسدا بالكلية فعلى الأقل تعتريني مسحة من فساد، مسلم ولكن في ذات الوقت أعلم أن من أخص فرائضي الإسلامية قبل الوطنية ليس احترام أصحاب الديانات والمعتقدات الأخرى فقط بل واجبً عليً حمايتهم والدفاع على أمنهم مادمت قادرا على ذلك.
 قال تعالى موجها الخطاب للرسول الكريم ( صلى الله عليه وسلم ) [وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ المُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ] {التوبة:6ٍٍ ] هذا الأمر من الله – جل في علاه - فيما يخص منْ: المشركين.
 أما أهل الكتاب ( اليهود والنصارى) فقد امرنا الإسلام بأن نقر بتلك الديانات بل ونعترف بُرسولها، قال تعالى: [قُولُوا آَمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ(136) فَإِنْ آَمَنُوا بِمِثْلِ مَا آَمَنْتُمْ بِهِ فَقَدِ اهْتَدَوْا وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ(137) ]. {البقرة}. 
فكل فرد من وجهة نظر الشريعة الإسلامية حر فيما يؤمن به ويعتقد، أما أمر حسابه فعلى الله – سبحانه وتعالى – قال – جل شانه – (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالعُرْوَةِ الوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِي]{البقرة:256}
وقال أيضا: [وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آَمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ(46) وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الكِتَابَ فَالَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآَيَاتِنَا إِلَّا الكَافِرُونَ(47. {العنكبوت
وأخيرا قوله:
[وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآَمَنَ مَنْ فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ(99) يونس
هذه بعض النصوص القرآنية التي تدعو إلى احترام الآخر مهما تكن ديانته أو عقيدته، وبخاصة أهل الكتاب من اليهود والنصارى، أما سنة الرسول الكريم ( صلى الله عليه وسلم ) فنورد منها قوله ( منْ كان على يهودية أو نصرانية فلا يُفتتن عنها ) وقوله:
( منْ ظلم معاهدا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفسٍ فأنا حجيجه يوم القيامة )
من خلال كل ما تقدم فأنا أؤمن بأن عليً إن لم يكن حماية أهل الكتاب الذين يشاركونني في ذات الوطن فعلى الأقل يتعين عليً احترامهم واحترام عقيدتهم فأنا غير مطالب بالتفتيش والتنقيب في صدور الناس.
كما أنني أؤمن بأن منْ يفعل الخطأ فهو إنسان، ومنْ يبك عليه فهو ملاك، ومنْ يفتخر به فهو شيطان، ومنْ يُنكره فهو منافق جبان.
كما اعتقد بأن الفساد قد تمكن من جميعا واستعير كلمات الراحل احمد ذكي في فيلم ضد الحكومة: كلنا فاسدون لا أستثني أحدا حتى الصامت العاجز قليل الحيلة.
فكل منا على الأقل لديه مسحه من فساد على قدر كينونته وصحبته، فالموظف مهما كان: طبيب أو معلم أو مهندس...الخ إذا تأخر عن الذهاب إلى عمله في الموعد المحدد فهو فاسد، ولو حاسب كل منا نفسه وكان صادقا في الحساب فسيجد أن لديه العديد من جوانب الفساد.
أيها السادة وما دمنا بشرا خطاءين بنا بعض من جوانب الفساد فلا يحق لنا أن نطالب غيرنا من البشر أن يتصفوا بالكمال فالكمال لله وحده حتى الأنبياء والرسول – عليهم صلوات الله وتسليماته – كانوا معصومين فيما يخص أمر الرسالة فقط، فإذا كنت أنا لا أتستطيع أن أكون إنسانا تام الكمال في الالتزام فلا يحق ليً كما انه من غير المقبول مني أن اطلب من غيري أن يتصف بالكمال في الالتزام فيكون ملاك بينما أظل أنا إما إنسان أو شيطان أو منافق جبان.
أيها السادة إن ما حدث في يناير الماضي بدءا من 25 يناير، وانتهاء بـ2فبراير لا فضل فيه لأحد إلا -لله سبحانه في علاه – فأنا لا أنكر أن هناك مجموعات كانت تخطط للتظاهر، ولكن هذه المجموعات لا قيمة لها لأنه لولا خروج المصريين بصفة عامة ما كان لمخططهم أن يدركه النجاح، كما أن نسبة كبيرة من المخططين كانوا أصحاب مصالح خاصة، فالنواب الذين لم يجدوا لهم مكان تحت قبة البرلمان لو وجدوا مكانهم ما خرجوا.
كما إن من أبرز أسباب نجاح ما حدث سوء تقدير وزارة الداخلية بل والنظام للانتفاضة و هذا ما ترتب عليه سوء إدارة الأزمة وسوء التعامل معها، ولحسن حظ الشعب المصري أنهم وقعوا في ذلك الخطأ.
 فالمصريين البسطاء الذين لا انتماء سياسي لهم ما دفعهم إلى الخروج في يناير الماضي إلا كم الذل الذب ضرب جميع جوانب حياتهم، وهم يسعون إلى الحصول على متطلبات حياتهم الضرورية، وهؤلاء هم الأغلبية، ولولاهم لما كانت المجموعات، التي كانت تحصل على إملائات خارجية، أو تلك التي كانت تكدس المخدرات والمتفجرات داخل الميدان تستطيع تحقيق النتيجة التي وصلنا إليها برحيل النظام السابق، وذلك لأن هذه المجموعات ذات مصالح خاصة.
ولذا فأرجو ألا يزايد أحدا على الانتفاضة ويعد نفسها قائد ثورة فهي ليست بثورة بل انتفاضة شعبية ضد الفساد والقهر والظلم، وإذا أردنا أن نسميها ثورة فلا قائد لها غير المجلس العسكري، وخير دليل على ذلك ما يحدث في ليبيا واليمن وسوريا والبحرين والعراق، فلو انحاز المجلس العسكري للنظام لما تحقق شئ.
فما حدث في مصر له أكثر من بطل، وحتى منْ ماتوا داخل ميدان التحرير لا يمكن إطلاق وصف الشهداء عليهم على الإطلاق وذلك لأننا لا نعلم نيتهم في الذهاب لميدان التحرير، هل كلهم كان ذهابهم بدافع التظاهر؟! أم أن هناك منْ ذهب بدوافع أخرى ؟! فمثلا البلطجي الذي أصيب في كتفه كان ذاهبا بدوافع أخرى غير التظاهر ؟! ولو أخطأت الرصاصة كتفه واستقرت في قلبه ومات أنطلق عليه شهيد على الرغم أنه ذاهب بدافع السرقة والسطو ؟!
وثمة شئ آخر ملفت للنظر وهو كثرة المجوعات التي ظهرت في محاولة منها لجني الغنائم بعد الانتفاضة والتي كثرت مسمياتها وأصبحوا لا يعجبهم أمر فكلما صدر قرار لا يتفق مع أهدافهم الخفية التي يتسترون عليها ويظهرون أهدافا وطنية دعوا للتظاهر، الأمر الذي ثبت قاعدة لا مناص منا ولا عنها وهي أن كل منْ لا يعجبه شئ عليه الذهاب إلى ميدان التحرير، ومن ثمة تعطلت عجلة الإنتاج، وكسدت السياحة، وبتنا على أبواب خراب اقتصادي.
فهؤلاء ليسوا ثوار ضد الظلم والفساد، بل أصحاب منافع سياسية، ومآرب حياتيه يسعون إلى تحقيقها، ومثل هؤلاء لا يجدي معهم الحوار، لأنك إذا أعطيت حق الكلمة لمنْ لا يفهم قيمتها ومعناها تحول الأمر إلى فوضى، وهذا ما نحن فيه الآن، فوضى في كل شئ: في الأمن، وفي الحوار، وفي الاقتصاد، وفي الأخلاق...الخ.
إنني أتحدى هؤلاء جميعا الذين يتغنون بمصر والوطنية أن يكون من بينهم منْ عمل حصرا لمشاكل وهموم المصريين البسطاء، أو إداريات الوزارات أو جوانب الروتين العفنة التي يئن تحت وطأتها المصريين في سعيهم لقضاء حوائجهم.
هؤلاء أيها السادة لا يجدي معهم الحوار بل ينفعهم الإجراء الرادع، فأنت أحيانا تقسو على منْ تحب من اجل مصلحته. فالثائر الحق هو الذي يثور ليهدم الفساد ثم يهدأ ليبني البلاد، ومن ثمة يترك الأمر لأهله، ويمنحهم الفرصة للسير في الاتجاه المطلوب.
أيها السادة إن مصر يحدق بها العديد من الأخطار داخليا وخارجيا، ففي الداخل: تحولنا إلى شيع وأحزاب، ليس فقط مسلمين ونصارى، بل داخل المسلمين: إخوانا، وسلف، وأنصار سنة، وجمعية شرعية، وشيعة، وجهاد، وجماعة إسلامية، وصوفية، وأخيرا وليس آخرا بهائية وليبرالية وقد نصل قريبا إلى جماعة البامية والملوخية، هذا بخلاف الأحزاب التي كثرت من حزب النور، إلى الوسط إلى الجيل...الخ وكل فريق يرى أنه الصواب وانه على حق وانه الأحق بحكم مصر إما من خلال البرلمان أو الرئاسة ومنْ لا يصل إلى هدفه ومبتاغاه يلجأ إلى ميدان التحرير معلنا أهداف وطنية وخافيا مصالح شخصية، وواصفا خصمه بالثورة المضادة أو فلول الحزب الوطني.
هذا بخلاف الفتنة الطائفية التي تهدد الأخضر واليابس في البلاد، إنني لا أدري لماذا يصر علماء السلف على الولوج في القضايا الشائكة أعتقد انه من الأفضل لنا المسلمين أن نهتم بإصلاح سلوكنا أولا قبل البحث دخول آخرين إلى الإسلام فسلوك المسلم خير دعاية للإسلام على الجانب السيئ أو الجانب الحسن، لماذا كل هذه الضجة التي تثار حول كامليا شحاتة أو غيرها من أخواتنا من النصارى، إن القاعدة الثابتة في تغيير المنكر في الشريعة الإسلامية: أن تغيير المنكر إذا ترتب عليه منكر أشد ترك ولا ُيغير، فما الذي يضيرنا من أن كامليا شحاتة أو غيرها قد حبسها بني جلدتها في هذا الدير أو ذاك، لماذا نتدخل ما دام تدخلنا سيؤدي إلى تأجج الفتنة؟!
أيها السادة على علمائنا الذين يدعون أنهم أتباع السنة النبوية المطهرة وهم في العلم أكثر مني أن يراجعوا السنة مراجعة تبحث في الموقف كيف حدث ؟! ولماذا حدث؟! بتلك الطريقة ؟! إقرأوا ما حدث في صلح الحديبية مع أبو جندل بن سهيل:
فقد صالح رسول الله – صلى الله عليه وسلم – المشركين في الحديبية على أن منْ رجع من المسلمين إلى قريش فلا ترده إلى الرسول – صلى الله عليه وسلم – أما منْ فر من قريش إلى الرسول – صلى الله عليه وسلم – دون إذن وليه، فيلتزم الرسول – صلى الله عليه وسلم – برده إلى قريش، وجاء الاختبار الحقيقي لذلك الشرط حينما فر أبو جندل بن سهيل من أذى قومه بعد أن أعلن إسلامه، وألح على الرسول – صلى الله عليه وسلم – في أن يضمه إليه، ولكن الرسول – صلى الله عليه وسلم – رفض وأصر على تسليمه إلى قريش وفاءا بالعهد.
لماذا لا نقتدي بهذا السلوك من الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – درءاً للفتنة، ونهتم بصلاح أخلاق المسلمين قبل أن نهتم بكثرتهم العديدة، فمشكلة المسلمين ليست في الكم، ولكن في الكيف.
فقال أبو جندل: إنهم سيعذبونني فقال له – صلى الله عليه وسلم – اصبر واحتسب فإن الله جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا، إنا قد عقدنا بيننا وبين القوم صلحا، وأعطيناهم على ذلك، وأعطونا عهد الله، وإنا لا نغدر بهم ( سيرة ابن هشام ج2 ص 367).
وأنتم يا إخواني النصارى دائما ما كنتم خير نصار لإخوانكم المصريين المسلمين في الماضي البعيد بل والقريب أيضا فقد جابهتم الاستعمار الذي لم يخدعكم برفعه لراية الصليب ( والصليب منه براء) حتى يستميلكم في الحروب الصليبية في الماضيين القريب والبعيد، فقد وقفتم إلى جانب صلاح الدين في الدفاع عن القدس، كما توحدتم مع علماء الأزهر الشريف في الذود عن تراب مصر، الأمر الذي أسأل اللورد كرومر المندوب البريطاني على مصر فقال: إنني لا أفرق بين المسلم والمسيحي في مصر سوى أن الأول يدخل مسجد والثاني يدخل الكنيسة، كونوا نصارى دائما وقفوا في وجه رعاة الفتنة من بيني جلدتكم من أمثال موريس صادق وغيره.   
أما في الخارج فهام الجواسيس يتساقطون بأعداد لا تتناسب مع الفترة الزمنية، وها هو الشيطان الأكبر الأمريكي الذي يتحكم في مصير العالم اليوم، ومعه الساركوزي الذي يطمع في موقع نابليون بونابرت أو ديجول، وهو الإنجليزي يريد إحياء الأمجاد القديمة كل ذلك على حساب العرب والمسلمين، يطبقون العدالة الدولية من خلال كفتي ميزان ظالمتين إحداها مجلس الأمن، والأخرى الأمم المتحدة، وسيف مسلط يتمثل في منظمات حقوق الإنسان، ومعهم بعض أصحاب العقال الذين رضوا بدور الخدم لتلك السياسة ظنا منهم أنهم في مأمن من هذا الكيد للعرب والمسلمين، وغير مدركين لطبيعة الغدر المتأصلة في نفوس هؤلاء الشياطين من الماضي البعيد، فهم يا ولداه تحن قلوبهم على المدنيين في ليبيا وسوريا واليمن، بينما لا يهتز لهم جفن مما يحدث في فلسطين، ونحن معهم ندور في الفلك، ولا ندري ماذا يجري في الغد، فرحنا بالخلاص بالنظام الفاسد، ومناداة الشيطان الأكبر الأمريكي بالوقوف إلى جانبنا ضده، و تناسينا أن الشيطان لا يقدم هبات لأحد، بل دائما ما يبحث عن مصلحته، وإن أضر بالآخرين في سبيل تحقيقها.
أيها السادة إن صلاح أمر المسلمين لن يتم إلا بصلاح حال العرب، وصلاح العرب لن يتم إلا بصلاح حال مصر، وصلاح حال مصر لن يتم إلا بالعودة إلى الأخلاق الحميدة التي تربي الضمير داخل الإنسان، فتجعل الخوف من الله، ومراقبته أقوى من الخوف من القانون ومعاتبته.
أيها السادة قلنا إن الخطأ سنة فينا ومنْ يخطأ يُحاسب، ولكن لا يُهان، وما يحدث مع الرئيس مبارك اليوم ليس إهانة فقط بل تنكيل وإذلال، لماذا نطالب مبارك بأن يكون قديسا، بينما نحن أو جلنا يكون بين الناس قديسا، وفي الخفاء إبليسا، إن مبارك إنسان، يصيب ويخطأ وليس ملاكا يصيب ولا يخطأ، فلماذا نركز على الأخطاء ونضخمها، ونواري الحديث عن نقاط الصواب؟! ألم يكن في فترة حكمة أي ميزة ؟َ! أو أي لحظة صواب ؟! فلماذا لا نذكرها جنبا إلى جنب ذكرنا للخطأ ؟! ألم يخطأ الرئيس/ جمال عبد الناصر ؟! ألم يخطئ الرئيس/ السادات؟! فكل منهم له نقاط الصواب وأيضا لديه جوانب الخطأ، وكذلك الرئيس مبارك له مثلهم.
ويمكننا بنظرة فاحصة إدارك ذلك الفرق الشاسع ما بين الماضي والحاضر، ما بين مصر قبل ثلاثين عاما مضت كيف كان حالها ووضعها عالميا وعربيا ومحليا ؟! انظروا إلى العزب والنجوع كيف كانت ؟! والآن كيف صارت ؟!
ألم يرث الرئيس مبارك مصر مثقلة بالعديد من الهموم، والتي منها:
·  مقاطعة الدول العربية لها بعد معاهدة كامب ديفيد، وما تبعه من نقل مقر جامعة الدول العربية
·  اهتزاز النظرة لها عالميا بعد المقاطعة العربية، والدعاية الصهيونية.
·      وجود أجزاء من أرضها ما زالت تحت سيطرة الصهاينة.
·  ضعف البنية التحتية نظرا لكثرة الحروب التي خاضتها مصر من: حرب 1956، 1967، وحروب الاستنزاف، 1973
·      مقدار الديون التي تحملتها خزانة الدولة جراء تلك الحروب.
أين كل هذه الأشياء الآن؟! أيوجد مقر جامعة الدول العربية بمصر؟! أم لا زال خارجها ؟! وكيف وضع مصر عالميا وإقليميا الآن ؟! كما كان قبل ثلاثين عاما ؟! أم ماذا ؟! أين طابا الآن ؟! أما زالت تحت سيطرة الصهاينة ؟! أم تحت السيطرة المصرية ؟! وما رأيكم في البنية التحتية في ربوع مصر من إسكندرية حتى أسوان ؟! كم حجم المدن الجديدة التي أنشئت ؟! وكم حجم المصانع التي أقيمت ؟! وكم استوعبت من عمالة وخريجي الجامعات ؟! وما هي مساحة الرقعة الزراعية الآن ؟! أكما كانت في الماضي ؟! أم زادت ؟! ألم تعمر مساحات شاسعة من صحاري مصر التي كانت في الماضي لا حياة فيها ؟! كم عدد الجامعات التي أنشئت ؟! وكم عدد المدارس التي أقيمت ؟! وكم عدد المستشفيات والوحدات الصحية الريفية التي بنيت ؟!
إنني أطلب من كل ذي لب أن يختار قرية من قرى مصر العديدة وينقب عن حالها كيف كانت قبل ثلاثين عاما ؟! وكيف صارت بعدها ؟! ألم يدخل الصرف الصحي الذي لم نكن نعلم عنه شئ إلى القرية المصرية ؟! كم حجم القرى والعزب والنجوع التي أضأت الكهرباء ظلامها ؟! ألم تتحول مصر من مجرد بلد زراعي إلى بلد صناعي تصدر العديد من مصانعه إلى مختلف دول العالم ؟! هل حرية الصحافة الآن كما كانت قبل ثلاثين عاما ؟! ألا يكتب الكتاب كل ما يحلو لهم من نقد في حرية تامة ؟! هل الإعلام كما كان في الماضي ألا تنقد القنوات الفضائية كل شئ ؟!
 وألم وألم وألم ...الخ فالإنجازات كثيرة ولكن العقول ضيقة، وهنا علينا أن نتسأل كيف تحقق كل هذا ؟!
أليس بفضل الاستقرار والأمن الذي نحيا فيه ؟! والذي أدركنا الآن قيمته ؟! وفضله ؟!
لا أنكر أن هناك العديد من الأخطاء أو السلبيات داخل حياتنا اليومية، ولكن على عاتق منْ تقع تلك الأخطاء، ألا يتحمل الشعب العبء الأكبر من تلك الأخطاء والسلبيات، ألم توفر الدولة على سبيل المثال العديد من المرافق العامة ولكن من الذي يدمرها الدولة؟! أم أفراد الشعب ؟! العجيب في القضية أننا نطلب من ولاة أمرنا أن يكونوا كالأنبياء أو الخلفاء الراشدين مع بقائنا نحن الشعب على حالنا، فكثيرا ما أسمع العديد من الأفراد، وهم يرددون حديث الفاروق عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – وهو يقول: ( لو تعثرت بغلة في العراق لسأل الله عمر لما لم تعبد لها الطريق ) يردد البعض هذا القول مطالبينا مسئولينا أن يكونوا كعمر بن الخطاب، بينما يبقى الشعب على حاله كما هو أمام الناس قديس وفي الخفاء إبليس.
أليس من باب أولى انه إذا أردنا من مسئولينا أن يكونوا كعمر بن الخطاب أن نكون نحن الشعب على نفس درجة المسلمين الذين كان يحكمهم عمر بن الخطاب حتى يكتمل الطلب والقياس.
يا ساده صلاح الحاكم من صلاح المحكومين، وكذلك فساده من فسادهم، فالقاعدة الإسلامية في ذلك أنه إذا كان الشعب صالح بعث الله عليهم حاكم صالح، ولو كان الشعب فاسد بعث الله عليهم حاكم فاسد.
فإذا كنا نرى الفساد في نظامنا فعلينا أن نصلح من أنفسنا حتى يستقيم هذا النظام، فالإصلاح يا ساده لا يبدأ من قمة الهرم ولكن من القاعدة، وأكبر دليل على ذلك أن كل الدعوات والحركات الإصلاحية التي بدأت من الشعب من القاعدة كتب لها النجاح، أما الحركات التي بدأت من القمة فكان مصيرها الفشل.
ولنا في رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) القدوة والأسوة الحسنة، فعندما بشر بالنبوة بدأ دعوته بأهل بيته، ثم عشيرته، ثم قبيلته، ثم بلده، ثم البلاد عامة، ولذا انتشرت رسالته ( صلى الله عليه وسلم ) وعمت الأرض حتى يومنا هذا، لماذا لأنه ( صلى الله عليه وسلم ) بدأ من القاعدة لا من القمة.
وعلى الجانب الآخر ما بدأ من القمة بالفرض، كان مصيره الانهيار والفشل، مثل حركة طالبان الأفغانية وصلت لقمة الهرم ثم فرضت الشريعة دون تجهيز الشعب القاعدة فكان مصيرها الفشل والتناحر والتباغض، أعتقد أنه على كل منا أن يبدأ بإصلاح نفسه قبل المطالبة بإصلاح غيره، فلو بدأ كل منا بإصلاح نفسه لصلح المجتمع واستقام النظام.
أيها السادة علينا الاتصاف بالإنصاف فلا نكون مدعين وقضاة وجلادين في آنٍ واحد، علينا التحلي بالنقد البناء الذي يتناول الجوانب السلبية والجوانب الإيجابية، دعونا من ركوب الموجة لهثا وراء عرض من الدنيا زائل، فعيب على الصحافة والإعلام الذي كان حتى وقت قريب يتغنى ويسبح بحمد مبارك ونظامه أن ينقلب مائة وثمانون درجة في الاتجاه المعاكس، وعيب على الجبناء الذين خرست ألسنتهم في الماضي أن يرتدوا ثياب الأبطال في الحاضر.
أيها السادة فليُحاسب مبارك ولكن لا ينكل به لا يمحى من التاريخ إن مبارك لم يطلب من المنافقين أن يتغنوا به في الإعلام أو الصحافة أو التعليم، وما يحدث اليوم تزوير للتاريخ لماذا يرفع اسم مبارك من محطة مترو الأنفاق ففي عهد منْ تم الإنشاء؟! أليس في عهده؟! اكتب على المصريين أن يدروسوا التاريخ مزيفا دائما فما درسناه عن الرئيس/ محمد نجيب يختلف عما لقرأناه عنه بعد التخرج، ونفس الكلام ينطلي على ثورة يوليو، وحرب 1967 أيها السادة علينا أن نستحي من أنفسنا، فنحاسبها على ما علق بها من أدران، قبل أن نبحث عن أدران الآخرين، علينا معالجة عيوبنا ونقائصنا قبل الخوض في عيوب الآخرين ونقائصهم.
أيها السادة إن هذه الوطن قد أحاطت به مؤامرة لتقسيمه إلى ثلاث دويلات مع ضياع سيناء
في مشروع الشرق الوسط الجديد الذي يسعى الصهاينة مع الشيطان الأمريكي إلي فرضه من خلال التحالف الشيعي الأمريكي الذي تم بعد أحداث الحادي عشر من سبتمر، والذي يهدف إلى تقسيم الدول العربية الكبرى كمصر وليبيا والسودان واليمن والعراق وفي القريب المملكة العربية السعودية إلى دويلات صغيرة يسهل السيطرة عليها من خلال إسرائيل التي ستأخذ دور مخلب القط الأوحد في الشرق الأوسط، وهذا هو السر وراء سعي الشيطان الأمريكي للتخلص من بعض القادة العرب اللذين يفهمون بعض أصول اللعبة، ولإحداث ما يسمى بالفوضى الخلاقة، والتي ستساهم بدورها في تفتيت الدولة إلى دويلات صغيرة حتى يسهل السيطرة عليها، ومهما يحاول البعض أن يقنعني بأن الشيطان الأمريكي ليس له دور فيما يجري في العالم العربي، فلن أقتنع بغير ما أراه أمامي وأشمه بأنفي في سياسة ذلك الشيطان الذي لا يعنيه غير المصلحة الأمريكي المرتبطة بالمصلحة الصهيونية ولو أدى تحقيقها ذهاب الجميع إلى الجحيم فهذا الأمر جد يسير بالنسبة لهم، وخير مساعد لهم في سياستهم الأخ/ حمد بن جاسم رئيس وزراء قطر.
أيها السادة كان الله في عونكم فالخطر كبير، و اغلب الشعب لا يحسن متابعة الأمور في الساحة الدولية، ولا يربط ما يحدث بمصر بما يحدث بغيرها من دولنا العربية، وهؤلاء الذين يسعون لجني الأرباح مسمين خطأ ثوار، وهم ليسوا بثوار لا يدركون أن اغلبهم بمثابة العرائس التي تحركها الخيوط التي تمسك بها، ولو تدبرنا قائمة المطالب الأخير في التظاهرة الأخيرة والتي تدعو إلى تشكيل مجلس رئاسي مدني بمعرفتهم، وحل المجلس العسكري وان يكون العضوية في بالانتخاب … الخ ما طالبوه به هذه المطالب تسعى إلى تقويض باقي أركان الدولة التي لم تُقوض، فكما قوضت الشرطة يرغبون في تقويض الجيش الجدار الحامي لتلك البلاد.
أيها السادة لقد نجح هؤلاء في تواري أغلب النماذج المعتدلة في البلاد والتي ترغب في حدوث نوع من الأمن والاستقرار، والتي تهاجم الوقفات الاحتجاجية المتكررة، فاخترعوا كلمات الثورة المضادة أو فلول الحزب الوطني لإرهاب كل منْ يحاول انتقادهم، أو مجرد نقد النظام السابق نقد موضوعي يتضمن الحديث عن الإيجابيات والسلبيات معا، فلا يركز على جانب دون الآخر، وللأسف الشديد انخدع إعلامنا بتلك الكلمات، وصار يرددها على الدوام، هذا بخلاف التضخيم المبالغ فيه في حجم الفساد دون ذكر لأي ميزة.
أيها السادة شئ آخر لافت للنظر وهو: لماذا تخص قناة الجزيرة المشكوك في موضوعيتها قناة الجزيرة مباشر مصر وفيها يتم استضافة كل منْ يسعى إلى النقد والنقد والنقد ؟! لماذا؟!
هذا بخلاف عرض رسائل المحمول المشكوك في صحتها بأسماء مصرية تثني على قناة الجزيرة في تغطيتها للأحداث لماذا ؟! أليس ذلك مثيرا للشك والريبة؟! وتقويضا لكل أركان الاستقرار في الديار ؟!
أيها السادة إن الهم داخلي كثير و كان الله في عونكم ولكن ليً عليكم بعض العتاب: لماذا لم تعطوا الفرصة في الحوار الذي يحدث الآن إلا للائتلافات ولم يسمح بأفراد مستقلين؟!
كما أعاتبكم على أسلوب التعامل مع هؤلاء المسمون أنفسهم كذبا بالثوار فهؤلاء لم ولن يجدي معهم الحوار؟! فالحوار معهم عقيم لا فائدة ترجي منه، لأنهم يريدون جني المغانم لا صلاح البلاد، وخير أسلوب في التعامل معهم يتمثل في إهمالهم، وعدم الاعتداد بوجودهم وكشفهم أمام الشعب حتى يتصدى لهم.
وأخيرا لديً دراسة وحصر لهموم المجتمع المصري دفعت ثمنها غاليا حينما اجتهدت في توصيلها لرئاسة الجمهورية في الفترة من 1992 حتى 1997 أتمنى أن تُوضع بين أيديكم، وفي النهاية لكم عظيم التقدير والاحترام سدد الله خطاكم وأنار لكم الطريق، حتى تتمكنوا من حماية كنانة الله في أرضه من أعداء الداخل والخارج.
علاء محمد إسماعيل: مدونة تخاريف المخرفاتي:
 Alfahd99999.maktoobbolg.com



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

http://alfahd999.blogspot.com/