الثلاثاء، 12 مارس 2013

(12) - (ن) تابع (2) ملاحظات تؤخذ في الاعتبار:ثاني عشر: مخططات اليهود ومصالح الغرب الصليبي:الخطة الشيطانية:(ج) أدوات تنفيذ المؤامرة:(7) تقسيم الدول العربية باتفاقية سايكس – بيكو الثانية

جني الثمار ............... الربيع العربي
(12) - (ن) تابع (2) ملاحظات تؤخذ في الاعتبار:
ثاني عشر: مخططات اليهود ومصالح الغرب الصليبي:
الخطة الشيطانية:
(ج) أدوات تنفيذ المؤامرة:
(7) تقسيم الدول العربية باتفاقية سايكس – بيكو الثانية

تهيئة:
لقد مرت المنطقة العربية والتي تمتد حدودها ما بين المحيط الأطلنطي إلى الخليج العربي في حياتها بالعديد من لحظات القوة وساعات الضعف، والحقيقة التي لا مجال لإنكارها أو التغاضي عنها، هي: أن أمة العرب لم تعرف أي معنى للقوى إلا حين بزغ فجر الإسلام في ربوع الجزيرة العربية، وأشرقت شمسه لتمد تلك المنطقة بأشعة الطاقة والقوة، فلم يكن العرب في شبه الجزيرة العربية سوى جماعات من البدو تتنقل خلف العشب والكلأ والماء طمعا في رعي الأغنام التي علها تقوم حياة العربي بداية من شربه لأبانها، وانتهاء بغزل أصوافها، ووسط هذا التنقل الدءوب ازدهرت بعض المناطق مثل مكة مرتبطة بموسم الحجيج، و بعض مناطق الشام واليمن ارتباطا بطريق التجارة عبر رحلة الصيف والشتاء، هذا بخلاف إمارتي الحيرة في العراق، والغساسنة في بلاد الشام لارتباط الأولى بدولة الفرس، والثانية بدولة الروم، وفيما عدا تلك المناطق كان يُنظر إلى العرب أنهم مجموعة من البدو الرحل، وفي تلك الأثناء لم تكون للعرب قوة تٌذكر كوحدة واحدة، وإنما كانت هناك بعض القبائل التي تقوى على بعضها البعض.
 إلا أن أمر تلك المنطقة قد تبدل واتجهت إليها أنظار العالم القديم أجمع بعد بعثة النبي – صلى الله عليه وسلم – وما ارتبط بذلك من حسرة اليهود، وخيبة أملهم الذين كانوا ينتظرون خروج النبي الخاتم – صلى الله عليه وسلم – من بينهم، هذا بخلاف إرسال النبي – صلى الله عليه وسلم – الرسل إلى ملوك وحكام العالم في ذلك الوقت بدءا بكسرى الفرس ومرورا بقيصر الروم وانتهاء بالمقوقس زعيم القبط في مصر.
وتاريخيا يُعد فتح مكة سنة 8 هـ  الموافق 10 يناير 630م، فبعد نزول الرسولُ محمدٌ – صلى الله عليه وسلم -  بمكة واطمئنانَّ الناسُ، جاءَ الكعبة فطاف بها، وجعل يطعنُ الأصنامَ التي كانت حولها بقوس كان معه، ويقول: «جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا» و  «جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ» ورأى في الكعبة الصورَ والتماثيلَ فأمر بها فكسرت. ولما حانت الصلاة، أمر الرسولُ بلال بن رباح أن يصعد فيؤذن من على الكعبة، فصعد بلالٌ وأذّن.
 وكان من نتائج فتح مكة اعتناقُ كثيرٍ من أهلها دينَ الإسلام، ومنهم سيد قريش وكنانة أبو سفيان بن حرب، وزوجتُه هند بنت عتبة، وكذلك عكرمة بن أبي جهل، وسهيل بن عمرو، وصفوان بن أمية، وأبو قحافة والد أبي بكر، وغيرُهم. ثم تابعت وفود القبائل العربية القدوم إلى مكة معلنة دخلوها في الإسلام فكان فتح مكة فتحا عظيما على الأمة العربية بالوحدة، وعلى النبي – صلى الله عليه وسلم – بالنصر، وعلى المسلمين بالسكينة ومغفرة الذنوب قال تعالى: { إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً } * { لِّيَغْفِرَ لَكَ ٱللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُّسْتَقِيماً } * { وَيَنصُرَكَ ٱللَّهُ نَصْراً عَزِيزاً } { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَنزَلَ ٱلسَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ ٱلْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوۤاْ إِيمَٰناً مَّعَ إِيمَٰنِهِمْ وَلِلَّهِ جُنُودُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً }{ لِّيُدْخِلَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَيُكَفِّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَكَانَ ذَلِكَ عِندَ ٱللَّهِ فَوْزاً عَظِيماً }(1) 
وبعد فتح مكة بدأت الوحدة العربية تحت راية الإسلام في عصر النبوة، ثم استمرت تلك الوحدة في عصر الخلفاء الراشدين، ونوعا ما في عصر خلفاء بني أمية وبني العباس، وخلفاء الدولة العثمانية، وتأكد للجميع من خلال الغزوات في عهد النبوة، ثم الفتوحات الإسلامية في عهد الخلفاء الراشدين وما بعدهم قول الخليفة الثاني الفاروق عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – حيث قال  كلمته المشهورة عن العرب: " نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، فإن ابتغينا العزة بغيره، أذلنا الله " ثم زاد الأمر وضوحا في قوله: " إنكم لا تغلبون عدوكم بعدد ولا عُدة ولكن تغلبونهم بهذا الدين، فإذا استويتم وعدوكم في الذنوب كانت الغلبة للأقوى" وبالطبع سيكون الأقوى هنا العدو وليس المسلمين فيُستحيل انتصار منْ تخلى الله عنه.
و بين هذين القولين كانت حياة العرب في كنف الإسلام تترنح بين القوة والضعف، الوحدة والفرقة، فكلما تمسكوا بالإسلام و لجأوا إلى الحق – تبارك وتعالى – توبة من الذنوب كانت الوحدة والقوة، وكلما أعطوا الإسلام ظهورهم، وانكبوا على الذنوب ليشبعوا شهواتهم كان الضعف والفرقة، بل والانكسار والهزيمة. 
 وربما يوضح لنا ذلك الحوار بين  ابنة هولاكــو .. وأحد علماء بغداد الحقيقة التي ينبغي التسليم بها، وهي أنه لا عز إلا عز الطاعة، ولا ذل إلا ذل المعصية،فبينما كانت ابنة "هولاكو"- قائد التتار- تتجول فى شوارع بغداد رأت حشداً غفيرا من الناس يجتمعون بمجلس أحد العلماء، فسألت متعجبة: ما هذا؟!
فأخبروها أنه رجل من علماء الدين الذين يلتف الناس حولهم، فأمرت أن يأتوها به مربوط الرجلين واليدين بعمامته وحافي القدمين.. ففعلوا ووضعوه أمامها..
سألته: أنت رجل الدين؟!
فقال: نعم
قالت: إن الله يحبنا ولا يحبكم؛ فقد نصرنا عليكم ولم ينصركم علينا، وقد علمت أن الله تعالى قال: "والله يؤيد بنصره من يشاء"!
 فلم يجب العالم وأشترط لأن يرد على كلامها أن يفكوا قيده وأن يجلس على كرسي مثلها، فوافقت على شرطه وأعادت عليه الكلام..
فقال لها: أتعرفين راعى الغنم؟!
قالت: كلنا يعرفه.
فقال: أليس ما عنده غنم؟!
قالت: بلى
قال: ألا يوجد بين رعيته بعضاً من الكلاب؟!
قالت: بلى
قال: وما عمل الكلاب؟!
قالت: تحرس له غنمه وتعيد له الغنم الشاردة حتى ولو أصابتها بجروح إذا امتنعت وأبت..!
قال لها: إنما مثلنا ومثلكم كذلك، فالله تعالى هو الراعي ونحن الغنم وأنتم الكلاب، فلما شردنا عن أوامر ربنا سلط الله تعالى الكلاب علينا ليردونا إليه مرة أخرى!!
أولا: المؤمنين بين العداوة والمودة:
لقد نسى العرب أو بالأحرى تناسوا تلك القاعدة، تناسوا أن الله – جل في علاه – قد يقبل منهم نصف جهاد، ولكنه لن يقبل منهم نصف نية،  فهو – سبحانه – لا يقبل من الأعمال إلا ما كان خالصا لوجهه الكريم، لقد تناسوا أن نصر الله مرهون بطاعته، وأن الهزيمة والانكسار مرهونة بالمعصية، وشر المعصية أن تترك باب الله الذي لا يوصد وتلجأ إلى منْ؟! إلى الخصم والعدو فتتخذ منه وليا لك، وهذا ما فعله العرب فرأوا شر الهزائم حين أعطوا الإسلام ظهورهم، وأقبلوا على عدوهم فأخذوه لهم صديق وقدوة وولي رغم تحذير القرآن الكريم لهم من ذلك فقال تعالى:
{ يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ ٱلْيَهُودَ وَٱلنَّصَارَىٰ أَوْلِيَآءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ }{ فَتَرَى ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَىٰ أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ فَعَسَى ٱللَّهُ أَن يَأْتِيَ بِٱلْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِّنْ عِندِهِ فَيُصْبِحُواْ عَلَىٰ مَآ أَسَرُّواْ فِيۤ أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ }(2)
فهنا يُحذر الحق – تبارك و تعالى – عباده المؤمنين من أن يتخذوا اليهود والنصارى  أولياء ينصرونهم ويستنصرونهم ، ويؤاخونهم ويصافونهم ويعاشرونهم معاشرة المؤمنين،بل ويقوونهم ويستقوون بهم على غيرهم من المسلمين، فإن منْ يفعل ذلك  يتأول ويتكلف في مودة اليهود والنصارى وفي موالاتهم ، وما فعلوا هؤلاء ذلك إلا لخوفهم من نصر اليهود والنصارى وظفرهم  بالمسلمين، وهم يتوهمون أنهم بفعلهم هذا وتقديمهم لفروض الولاء والطاعة لليهود والنصارى أن يكون لهم أياد عند اليهود والنصارى، فينفعهم ذلك، فإذا ما انتصروا على غيرهم من المسلمين، فلا ينقلبوا عليهم أيضا.
وإذا كان المفسرون قد اختلفوا في تفسير تلك الآيات فمنهم منْ قصرها على عبد الله بن أبي بن سلول في إصراره على مولاة اليهود، والبعض الآخر قال بأنها في عامة المسلمين، وبإمعان الفكر نُدرك أنها عامة في المسلمين جميعا وذلك من خلال:
- أنها جمعت بين اليهود والنصارى و لم يُحدِّث أحد عن مولاه أحد من المسلمين للنصارى.
- أن ما جاء بالآية الكريمة يصدق علينا نحن المسلمين الآن، فنجد من بين المسلمين منْ يوالي ويتألف قلوب اليهود والنصارى يستوي في ذلك الحكومات والأفراد والجماعات فكم من ابن سلول بيننا، فلدينا من حكام العرب ومثقفيها ورجال الأعمال منْ يصادق اليهود سواء في إسرائيل أو خارجها، كما لدينا منهم أيضا منْ يصادق النصارى ويحرص على رضاهم سواء في الولايات المتحدة الأمريكية، أو في انجلترا أو في فرنسا
فبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر المزيفة الحقيقة والواقع، والمنسوبة كذبا للمسلمين، وإعلان أمريكا الحرب الوهمية على الإرهاب أسرعت العديد من الدول العربية والإسلامية بإعلان فروض الولاء والطاعة لليهود والنصارى في حربهم ليس على الإرهاب وإنما على الإسلام من خلال الغزو الأنجلوساكسوني لأفغانستان والعراق، وما فعلت تلك الدول ذلك إلا لكسب ود الصليبيون الجدد والمتحركين بأصابع الصهيونية العالمية، حتى لا يتحولوا ناحيتهم بالعداء، فلما انتهى الغزو الأنجلوساكسوني من أفغانستان والعراق، انقلب على تونس وليبيا واليمن ومصر لإحداث الفوضى الخلاقة بتلك الدول تحت خدعة ما يُسمى بالربيع العربي.
 
فقد تنكر الأمريكان لكل منْ مد لهم يد العون من حكام العرب ك بن على في تونس، والقذافي في ليبيا، ومبارك في مصر، وصالح في اليمن، والشيء المثير للسخرية بل والباعث على الغثيان أنهم أيضا في هذه المرة وجدوا من حكام العرب والمسلمين منْ يُساهم ويمد لهم يد العون في التخلص من هؤلاء الحكام الأربعة، وكان أبرز منْ قد العون قطر وتركيا بصفة عامة والإمارات في ليبيا، أملا ورجاء عند الأنجلوساكسون حتى لا ينقلبوا عليهم، ونسى هؤلاء أن منْ يُصادقون ومعهم يتعاونون سينقلبون عليهم بعد انتهاء دورهم لأنهم ببساطة لا عهد ولا أمان لهم، ولم يأخذوا العبرة من التاريخ، فطالبان التي انقلب عليها الأمريكان هي صناعة أمريكية على يد برجنسكي مستشار الرئيس الأمريكي كارتر للأمن القومي، فلما انتهى دورهم بهزيمة الروس في أفغانستان في فترة الحرب الباردة، انقلبوا عليهم على يد راعي البقر بوش، وصدام حسين بمجرد انتهاء دوره في إنهاك شعبه والحد من قوة إيران وإنعاش الخزانة الأمريكية من مبيعات الأسلحة الذي أنفق فيها ما يربو على السبعين مليار دولار  تم تعليقه على المقصلة، وقبله شاه إيران بمجرد ثورة شعبه ضده، تنكروا له وصادقوا عدوه الخميني من الباب الخلفي، بل وأوصلوه إلى سدة الحكم في إيران في أكبر عملية تزييف للتاريخ، وفور وصول الخميني للحكم نعت أمريكا بأبشع الأوصاف والتي على رأسها الشيطان الأكبر، ونحن نتندر بالعداء الإيراني الأمريكي حتى جاء فضيحة إيران – جيت لتكشف أن الرئيس الأمريكي ريجان كان يُصدر السلاح للطرفين العراق وإيران، العراق علانية، وإيران سرا عبر إسرائيل والأرجنتين، وهكذا تمر علينا الأحداث دون أن نأخذ منها الحكمة والموعظة.
بل دون أن نتدبر تحذير القرآن الكريم للمؤمنين بألا يوالونهم أو يصادقونهم لأنهم بذلك يظلمون أنفسهم كما ظلموا غيرهم من المسلمين، والله لا يهدي القوم الظالمين.
- قال تعالى { لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ ٱلنَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ ٱلْيَهُودَ وَٱلَّذِينَ أَشْرَكُواْ وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّا نَصَارَىٰ ذٰلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنَّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ }(3) 
يوضح لنا الحق – تبارك وتعالى – في تلك الآية منْ يكون العدو الشديد العداء للمؤمنين، فيذكر أن اليهود في غاية العدواة مع المسلمين، ولذلك جعلهم قرناء للمشركين في شدة العداوة، بل نبه على أنهم أشد في العداوة من المشركين من جهة أنه قدم ذكرهم على ذكر المشركين. ولعمري أنهم كذلك. وعن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ما خلا يهوديان بمسلم إلا هما بقتله " وذكر الله تعالى أن النصارى ألين عريكة من اليهود وأقرب إلى المسلمين منهم.(4)  
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " ماخلا يهودي بمسلم قط، إلا همَّ بقتله "(5)
فبعد أن حذرت الآية رقم(51)  المؤمنين من أن يتخذوا اليهود والنصارى أولياء، لأنهم لا أمان لهم، وفي ذلك قدح وذم لليهود والنصارى استمرارا لذمهم في سورة البقرة حيث قال تعالى: {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ}(6)
وقال جل شأنه: {وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ اليَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ العِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ}(7)
وقال سبحانه وتعالى: {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ المُشْرِكِينَ}(8)
جاء قوله تعالى :{لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا اليَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} (9)
ففي تلك الآيات الكريمات نجد الحق _ تبارك وتعالى _ يحدثنا ذم اليهود والنصارى في آيات سورة البقرة ( 111 – 120 – 135 ) ثم  في أية سورة المائدة السابقة الذكر رقم (51) يُحذر عباده المؤمنين من مولاة اليهود والنصارى، ثم تأني هذه الآية رقم ( 82) من ذات السورة المائدة لتُحدد وتُفصل للمؤمنين  أمرين هما:
الأول العدو الشديد العداوة للمؤمنين وهو يضم اليهود والمشركين عبده الأوثان.
الثاني الأقرب مودة للمؤمنين هو النصارى. 
سؤال:
وهنا يتبادر إلى الذهن سؤال لماذا؟! جمع الحق – تبارك و تعالى – في آيات البقرة( 111 – 120 – 135 )  بين اليهود والنصارى في الذم؟! ثم حذر منهما في الآية رقم (51) من سورة المائدة؟! ثم فصل بينهما في الآية رقم (82) من سورة المائدة، بل أكثر من ذلك اختص اليهود باستمرار الذم بأنهم أشد عداوة للمؤمنين ثم ضمهم للمشركين عبده الأوثان، واختص النصارى بالمدح بأنهم أقرب مودة للمؤمنين، وذلك لأن منهم قسيسين ورهبان وأنهم لا يستكبرون؟! أليس في ذلك تناقض ما بين آيات وسور القرآن الكريم.؟!
الإجابة:
ليس هناك أي تناقض ما بين آيات القرآن الكريم؟! بل ما يعده البعض تناقضا ما هو إلا جانب من جوانب إعجاز القرآن الكريم، متمثلا في وصف القرآن الكريم لشيء لم يكن موجودا على أرض الواقع وقت نزول تلك الآيات كيف ذلك ؟!
إن الحق – تبارك وتعالى – يُحدثنا عن نوعين من النصارى  حسب البُعد المكاني الذي يُقيم فيه كل نوع، بغض النظر عن اختلافهم في مذاهبهم الدينية سواء كانت – أرثوذكس – أو كاثوليك – أو بروتستانت - هما:
الأول: نصارى: يرفعون الصليب رمزا للتضحية والفداء.
الثاني نصارى: يرفعون الصليب رمزا للبغض والعداء.
فتعالوا بنا نفرق بين النوعين.
أولا: نصارى: يرفعون الصليب رمزا للتضحية والفداء.
وبالطبع هذا النوع من النصارى محمود وهو ما عناه وقصده الحق – تبارك و تعالى – في قوله { وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱلَّذِينَ قَالُوۤاْ إِنَّا نَصَارَىٰ } أي: الذين زعموا أنهم نصارى من أتباع المسيح، وعلى منهاج إنجيله، فيهم مودة للإسلام وأهله في الجملة، وما ذاك إلا لما في قلوبهم إذ كانوا على دين المسيح من الرقة والرأفة، كما قال تعالى:
{ ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَىٰ آثَارِهِم بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ٱبْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ ٱلإِنجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ٱبتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلاَّ ٱبْتِغَآءَ رِضْوَانِ ٱللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ }(10)
عن عبد الله بن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اخْتَلَفَ مَنْ كانَ قَبْلَنا على إحْدَى وَسَبْعِينَ فِرْقَةً، نَجا مِنْهُمْ ثَلاثٌ وَهَلَكَ سائِرُهُمْ: فِرْقَةٌ مِنَ الثَّلاثِ وَازَتِ المُلُوكَ وَقاتَلَتْهُمْ على دِينِ اللّهِ وَدِينِ عِيسَى ابنِ مَرْيَمَ صَلَوَاتُ اللّهِ عَلَيْهِمْ، فَقَتَلَتْهُمُ المُلُوكُ وَفِرْقَةٌ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ طاقَةٌ بِموَازَاة المُلُوكِ، فأقامُوا بَينَ ظَهْرَانيْ قَوْمِهِمْ يَدْعُونَهُمْ إلى دِينِ اللّهِ وَدِينِ عِيَسى ابن مَرْيَم صَلَوَاتُ اللّهُ عَلَيْهِ، فَقَتَلَتْهُمُ المُلُوكُ، وَنَشَرْتهُمْ بالمِناشِير وَفِرْقَةٌ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ طاقَةٌ بِمُوَازَاةِ المُلُوكِ، وَلا بالمُقام بَينَ ظَهْرَانِي قَوْمِهِمْ يَدْعُوَنَهُمْ إلى دِينِ اللّه وَدِينِ عِيسَى صَلَواتُ اللّهُ عَلَيْهِ، فَلَحِقُوا بالبَرَارِي والجِبالِ، فَتَرَهَّبُوا فِيها " فَهُوَ قَوْلُ اللّهِ عَزَّ وَجَلَّ { وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ } قال: " ما فعلوها إلا ابتغاء رضوان الله " { فَمَا رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها } قال: " ما رعاها الذين من بعدهم حقّ رعايتها " { فآتَيْنا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أجْرَهُمْ } قال: " وهم الذين آمنوا بي، وصدّقوني ". قال { وكَثِيرٌ مِنْهُمْ فاسِقُونَ } قال: " فهم الذين جحدوني وكذّبوني ".(11)
فهذا القسم من النصارى أقرب مودة للمؤمنين، ولحسن الحظ والطالع أن هذا القسم من النصارى يُقيم بيننا في الوطن العربي، يتألمون بآلام المسلمين، ويفرحون لفرحهم، ولما لا فهم شركاء الكفاح في الماضي والحاضر، هم منْ وقفوا إلى جوار المسلمين في الماضي البعيد والحاضر القريب، فرفضوا تسليم المسلمين في هجرة الحبشة إلى عمرو بن العاص، وسمحوا لهم بحرية ممارسة الشعائر والعقيدة، وعلى نفس الدرجة استقبلهم الرسول – صلى الله عليه وسلم – متمثلين في وفد نصارى نجران، فاستقبلهم واستضافهم بالمسجد النبوي في المدينة، فأقاموا ومارسوا صلواتهم في المسجد، ولم يُنكر عليهم الرسول – صلى الله عليه وسلم – صلاتهم بالمسجد النبوي،وهم منْ منح المسلمين كنائسهم في حمص ليصلوا فيها، وهم منْ وقفوا مع إخوانهم المسلمين جنبا إلى جنب في وجه الحروب الصليبية، وهم منْ وقفوا مع إخوانهم المسلمين، في وجه الاستعمار الغربي الصليبي، فخرجت المظاهرات من الأزهر ترفع شعار الهلال مع الصليب ضد الاستعمار الصليبي، وكما حدث في مصر مع الإنجليز، الأمر الذي جعل اللورد كرومر المندوب السامي يُردد: لم أستطيع التفريق بين المسلم والنصراني في مصر سواء أن الأول يدخل المسجد والآخر يدخل الكنيسة"
حدث نفس الشيء في بلاد الشام ضد الاستعمار الفرنسي، فقدت اعتمدت فرنسا الوصاية على المسيحيين في سوريا إثر نشرها  لوثيقة مزورة قالت أن أحد آباء الكنائس السورية أرسلها للمندوب السامي يطالبونه بالوصاية ، كان رد المسيحيين سريعا ، فقد أصدروا بيانا رفضوا فيه تلك الوصاية والوثيقة ، وشاركوا فورا في مظاهرات دمشق وحلب المطالبة بالاستقلال ، وخرج فارس الخوري في المسجد الأموي وقال :"إن كانت الاحتلال لحمايتنا فنحن نعلن إسلامنا ولتخرج فرنسا من سوريا"
كنيسة القيامة التي دعا صفرنيوس عمر بن الخطاب للصلاة فيها
 وهم منْ وجدنا لهم رد فعل وموقف قوي في محاولات تشويه صورة الإسلام ورسوله الكريم – صلى الله عليه وسلم –  فقد كشف الأنبا موسى أسقف الشباب بالكنيسة الأرثوذوكسية المصرية: أن أحد هؤلاء الأقباط المشاركين في إنتاج هذا الفيلم قد عنفه البابا شنودة الثالث البطريرك الراحل للكنيسة المرقصية في مصر في لقاء جمعهما سابقا قبل سنوات من رحيل البابا وهو عصمت زقلمة . وقال الأنبا موسى وقد شاهدت بنفسي قداسة البابا، وهو يعِّنف أحد هؤلاء بشدة، قائلاً له: أنتم تؤذون مصر، وكل الأقباط، بهذه التصرفات المشينة . وأضاف، المسيحية ترفض الإساءة للأديان، وكل رموزها، كوصية الإنجيل: "لاَ تَخْرُجْ كَلِمَةٌ رَدِيَّةٌ مِنْ أَفْوَاهِكُمْ" (أف 29:4). وتابع، لهذا فما يقوم به المدعو تيري جونز ، ويشاركه فيه بعض الأقباط بالخارج، من إساءة للإسلام ورسوله، مرفوض منا جميعًا، مسيحيًا وقبطيًا، فالسيد المسيح يعلمنا احترام الأديان والإنسان، وقبطيتنا تعلمنا الحفاظ على مشاعر أخوتنا في الوطن.
خريطة تقسيم مصر والسودان إلى دويلات بالكونجرس الأمريكي
وهم منْ وجدنا رفضهم القاطع لتقسيم مصر أو طلب الحماية من الخارج، فعندما صال الغرب الصليبي وجال برعاية اليهود في أحداث قرية الكُشح واتخذوها سبيلا للتدخل في شئون مصر حيث تبارى كل من: مايكل سنوت في صحيفة البوسطن جلوب، وكريستينا لامب في صحيفة الصنداي تلجراف المملكوين لكبار اليهود، وكذلك الكاتب الصهيوني ايب روزنتال  بالنيورك تايمز، ومحررين آخرين في صحف: بوسطن جلوب، وأوريجوتيان، وكرستيان جورنا التابعة للتحالف المسيحي الصهيوني، وواشطن تايمز حيث زعم الجميع أن مصر وهي تُدير ظهرها لانتهاك حقوق الأقباط تفقد مصداقيتها كطرف في العملية السلمية، كما نهجت الإذاعة البريطانية نفس النهج، كل هؤلاء تباروا في تزوير المقالات والأخبار الكاذبة عن أحداث الكُشح، وهنا أصدر البابا شنودة بيانا في 6/11/1998 يرفض فيه الإساءة لسمعة مصر، كما يرفض أي تدخل أجنبي في شئون مصر الداخلية.
وهم منْ يتعرضون لذات الأذى من اليهود في فلسطين مثل المسلمين، يُبصق عليهم ويهانوا، وتتعرض كنائسهم وأديرتهم وعلى رأسها كنيسة المهد للضرب بالقنابل اليهودية، وتحترق أجزاء منها، كما يحدث لمساجد المسلمين وعلى رأسها المسجد الأقصى.
وما فعل النصارى ذلك إلا للمودة التي غلفت قلوبهم تجاه المسلمين، سبحانك ربي ومنْ تغير قلبه منهم تجاه المسلمين فتحول من المودة إلى البُغض والكراهية تجاه المسلمين نجده لا يُطيق المقام في أرض العرب، وكأن أرض العرب قد لفظته فيلحق بقافلة أقباط المهجر لا يختلف في ذلك منْ كان يعيش في لبنان عن منْ يعيش في مصر فالعبرة في البقاء في أرض العرب مرهونة بمدى مودته للمسلمين ونرى ذلك الأمر بوضوح في أشخاص: القس/ زكريا بطرس، الذي يُهاجم الإسلام من قناة الحياة في قبرص، وموريس صادق، وعصمت زلقمة وغيرهم الذين يقفون خلف الفيلم المسيء للنبي – صلى الله عليه وسلم – والمطالبين بالتدخل الأجنبي في مصر لحماية الأقباط، بينما أقباط مصر يرفضوا ذلك التدخل لماذا؟! لأن قلوبهم بها مودة تجاه المسلمين كما أخبرنا القرآن الكريم.
اضطهاد اليهود للمسيحيين في إسرائيل
ثانيا: نصارى: يرفعون الصليب رمزا للبغض والعداء.
وبالطبع فهذا النوع من النصارى مذموم فلذلك قرنهم الحق -سبحانه وتعالى – و جمعهم مع اليهود من حيث الأطماع التي تأصلت في نفوس كلا الفريقين آلا وهي الرغبة في السيطرة على العالم وفي ذلك ذم لهم، فمذهب اليهود أنه يجب عليهم إيصال الشر إلى منْ يخالفهم في الدين بأي طريق كان، فإن قدروا على القتل فذاك، وإلا فبغصب المال أو بالسرقة أو بنوع من المكر والكيد والحيلة، وأما النصارى فليس في مذهبهم ذاك بل الإيذاء في دينهم حرام، ولكن هناك بعض النصارى الذين يحلو لهم بل تركزت عقيدتهم في إيذاء الغير وبخاصة المسلمين فناصبوهم العداء والشحناء في الماضي البعيد والحاضر القريب، ناصبوهم العداء في الحروب الصليبية تحت زعم انتهاك المسلمين لحرية ممارسة الشعائر الدينية للنصارى في بيت المقدس فلما قدموا لغزو بيت المقدس لم يفرقوا بين المسلمين والنصارى فيها، فلم يشفع الصليب لنصارى بيت المقدس لينجوا من الهلاك على يد حماة الصليب القادمين من أوربا، فاستباحوا من العرب مسلمين ونصارى كل شيء الأرض والعرض والمال، وما فعلوا ذلك إلا للغلظة التي غلفت قلوبهم فأنضجت الكراهية في نفوسهم ضد كل العرب من مسلمين ونصارى، وكما فعلوا ذلك قديما، وجدناهم يصمتون على كل جرائم اليهود ضد العرب مسلمين ونصارى في فلسطين، ولن نذكر الكثير من حوادث الماضي البعيد، فلا ينبغي علينا ألا ننسى حصار كنيسة المهد رمز النصرانية في العالم حين تحصن بها أكثر من مائتي فلسطيني بينهم مقاومون في عام 2002م إضافة إلى نحو ثلاثين راهبا من الفرنسيسكان. فحاصرتهم أكثر من عشرين دبابة إسرائيلية داخل الكنيسة كما احتل الجنود الإسرائيليون فندقا مجاورا لها. وفي هذا الحصار استشهد أحد الفلسطيني داخل كنيسة المهد برصاص قوات الاحتلال أثناء محاولته إخماد حريق شب في أحد الأديرة بسبب القصف الإسرائيلي. وقد أطلق قناصة إسرائيليون يحاصرون المكان الرصاص بكثافة حول الكنيسة،و  وصف الرهبان الفرنسيسكان حصار وهجوم القوات الإسرائيلية على كنيسة المهد بأنه "عمل همجي يفوق كل وصف وستكون له عواقب بعيدة المدى"
أما رد فعل العالم الغربي النصراني الصليبي على ما حدث في كنيسة المهد كان مجرد عبارة من الشجب والتنديد تماما مثل يحدث في الاعتداء على المسجد الأقصى على النحو التالي:
-  مساعد وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط بين برادشو اعتبر: أن إطلاق الجنود الإسرائيليين النار قرب كنيسة المهد أمر غير مقبول على الإطلاق.
- قال الوزير بوزارة الخارجية بن برادشو إن الرئيس الأمريكي وكبار مسئوليه أوضحوا تماما أن المجتمع الدولي يطالب إسرائيل بانسحاب فوري من الأراضي المحتلة. وأضاف "هذا يعني اليوم".
-قال وزير الخارجية الأسباني خوسيه بيكيه الذي ترأس بلاده الاتحاد الأوروبي حاليا إن الاتحاد سيبحث فرض عقوبات على إسرائيل إذا واصلت رفضها الدعوات بوقف إطلاق النار في الأراضي الفلسطينية.
- وجدد مجلس الأمن الدولي دعوته إسرائيل سحب قواتها من المدن الفلسطينية دون إبطاء.
 وأخيرا نورد ما ذكرته الـــ(CNN) وجريدة البشاير في 9/10/2012 عن المزيد من الهجمات على الكنائس في القدس
تواصلت موجة الهجمات على الكنائس في إسرائيل والأراضي الفلسطينية، يوم الاثنين، إذ قالت مصادر إسرائيلية إن مجهولين ألقوا حجارة وزجاجات على كنيسة في القدس، دون وقوع إصابات. وذكرت الإذاعة الإسرائيلية أن مجهولين ألقوا "زجاجات وحجارة عصر (الاثنين) باتجاه كنيسة الروم الأرثوذكس في شارع شيفتي يسرائيل،" في القدس . وأضافت الوكالة: "لم تقع إصابات غير أن أضرارا لحقت ببوابة الكنيسة.. كما تم إلقاء القاذورات والقمامة عند المدخل،" مشيرة إلى أن "الشرطة باشرت التحقيق في ملابسات الحادث." وهذه هي الحادثة الثالثة من نوعها في نحو شهر، إذ ذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية، الأسبوع الماضي، أن مستوطنين يهود لطخوا جدران أحد الأديرة المسيحية بعبارات مسيئة للمسيح.
وقالت الوكالة: "خط مستوطنون شعارات مسيئة للسيد المسيح باللغة العبرية، يوم الثلاثاء، على باب مدخل دير تابع للرهبان الفرنسيسكان في جبل الزيتون في القدس." وبرزت خلال الأشهر الماضية، جماعة مستوطنين سرية مزعومة تطلق على نفسها اسم "برايس تاغ" أو "تدفيع الثمن" يعتقد أنها مسئولة عن هجمات مشابهة على مساجد وكنائس. وفي 4 سبتمبر/أيلول الماضي، قالت مصادر إسرائيلية، إن مخربين أشعلوا النار في البوابة الخشبية لدير مسيحي قرب القدس، وعمدوا إلى كتابة شعارات بالعبرية، معادية للمسيحية. وذكر موقع الإذاعة الإسرائيلية أن "مجهولين قاموا بإضرام النار في بوابة دير اللطرون،" إلى الغرب من القدس، وعمدوا إلى "رش كتابات نابية معادية للمسيحية عليها." وكتب على جدار قرب بوابة الدير عبارات باللغة العبرية تعني "المسيح قرد."
 فهذا النوع من النصارى هو الذي قصده الحق – تبارك وتعالى بالذم مع اليهود في آيات سورة البقرة (111 – 120 – 135 ) ثم حذر المؤمنين من موالاتهم في الآية(51) من سورة المائدة قائلا { يَـٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ ٱلْيَهُودَ وَٱلنَّصَارَىٰ أَوْلِيَآءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ }
سبحانك ربي في قولك { بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ}
وإن قرآنك يعيش بيننا لحظة بلحظة ينطق بواقعنا يُفسره، يصرخ فينا، ولكننا لا نتدبر فهذا التحذير من الخالق – جل في علاه – اختص به عباده المؤمنين دون المسلمين فحذرهم من موالاة اليهود والنصارى لماذا؟!
- لأنه لا أمان لهم.
- بعضهم أولياء بعض فبعض اليهود ( الصهيونية) يوالون بعض النصارى ( البروتستانت – المحافظون الجدد – الإنجيليون ) ومنهم خرجت الصهيونية المسيحية، أو المسيحية الصهيونية.
فكلاهما جعل من الدين محرك وباعث لأطماعه في أرض العرب،منذ القدم فما أشبه الهجمة الصهيونية في الماضي والحاضر بالهجمة الصليبية في الماضي والحاضر أيضا
فالظاهرة الأساسية التي تبرز جلية واضحة هي أن الحملة الصليبية في العصور الوسطي تكاد تكون متشابهة بل متطابقة مع الحملة الصهيونية في العصر الحديث…..وأوجه الشبه كثيرة.
      ومن أهم أوجه الشبه،  أن الدين قد اتخذ  ستارا وشعارا في الحملتين،  ففي  الأولى كان الصليب  هو الشعار،  وفي الثانية كان الشعار هو نجمة داود….وكان الهدف الظاهر في الأولى "إنقاذ  القبر المقدس"،   وفي الثانية كان الهدف "إعادة بناء هيكل سليمان".

وكما كانت الحملة الصليبية لأغراض دنيوية تحت شعار الصليب جاءت الحملة الصهيونية هي الأخرى تحت شعار الملك داوود وهو منها براء لتحقيق أغراض دنيوية متمثلة في حكم وتسيد العالم.
فالمستشرق المعروف  لامونت يقول عن الصليبيين أنهم "لم يحاولوا الاستيلاء على البلاد الإسلامية  لكونها بلادا إسلامية….بل خرجوا ليستولوا على البلاد وليؤسسوا فيها إمارات لهم…."وأن أمراء الإفرنج "كانوا يستهدفون غايات  دنيوية محضة " …وأن الواحد منهم "لم يجد أي بأس  في أخذ البلاد من أيدي المسلين واليونان والأرمن أو من أيدي أبناء جنسه من الإفرنج"(12).
      وهذا مؤرخ غربي آخر هو "غروسيه" يقول في عبارة جازمة       عن "الحاج" الذي ذهب لزيارة الأماكن المقدسة في بيت المقدس بأنه "أصبح رجل فتح يذهب لإنشاء  ممالك تحت شمس الشرق،  كما اتجه بارونات الأرض المقدسة إلى تطبيق سياسية استعمارية".
      بل إن مؤرخا غربيا منصفا قد أدان الحملة الصليبية  بأنها "أول تجربة في الاستعمار الغربي قامت بها الأمم الأوروبية  خارج حدود بلادها لتحقيق مكاسب اقتصادية واسعة النطاق"(13).
  وكما أن أهل الصليب أنفسهم لم ينجوا من الحملات الصليبية.   فقد ارتكب الصليبيون مع إخوانهم في الدين في بلغاريا والمجر  فظائع رهيبة،  وهم  في طريقهم  إلى بيت المقدس.  وحين وصولهم إلى القسطنطينية  خربوا  الكنائس ونهبوا نفائسها،  واقتحموا كنيسة القديس أيا صوفيا وهم سكارى،  وعبثوا  بما فيها من ستائر وأدوات وكتب مقدسة فحرقوها وداسوها بأقدامهم،  ونهبوا ذخائرها،  وما حوته من آلات ورخام،  وحملوه معهم إلى الديار  المصرية والشام،  وبيع في الأسواق،  ووصل منه إلى دمشق رخام كثير(14).
ومثل هذا قد فعلته الحملة الصهيونية في فلسطين،  فقد هدمت المساجد والكنائس والمقابر،  وأحرقت جانبا من المسجد الأقصى،  ونهبت النفائس الدينية من كنيسة القيامة.
والحقيقة إن أوجه الشبه أكثر من أن تحصى بين الحملة الصليبية والحملة الصهيونية،  والدين الحق براء من الحملتين.

هذا وإذا كان النوع الأول من النصارى الأقرب مودة للمسلمين يعيش في العالم العربي، فإن النوع الثاني من النصارى الأكثر عداء للمسلمين ولنصارى المودة أيضا يعيشون في أوربا وأمريكا وبخاصة في انجلترا وفرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، ولكن ولا أقصد بذلك كل شعوب تلك الدول الثالث بل نقصد صُناع الرأي؟! والقرار فيها؟! والذي للأسف ما زال حكامنا حتى اليوم لا يستوعبون دروس الماضي والحاضر، فيوالونهم ويتقربون ويتوددون لهم.

فهل نحن منتهون؟! وللدرس فاهمون؟! أم مازالت على القلوب أقفالها؟! هل سنظل ننظر إلى نصارى مصر والعرب على أنهم أٌقلية؟! أم شركاء في الوطن؟!  أم لا زلنا تحت توقع أمير المؤمنين  عثمان بن عفان – رضي الله عنه – في حواره مع الأشتر، حين خرج الناس عليه من باب الفتنة الذي فتحه اليهودي/ عبد الله بن سبأ، مصرين على خلعه من الخلافة، وإما قتله، وعن قتله– رضي الله عنه – قال للأشتر الذي أخبره بأن القوم قاتلوه فقال عثمان: وإما أن تقتلوني فو الله لأن قتلتموني؟! لا تتحابون بعدي أبدا، ولا تصلون بعدي جميعا أبدا، ولا تقاتلون بعدي عدوا جميعا أبدا (15)  وبالطبع فهذا حالنا بين الأمس واليوم.

 
المراجع:
(1)       سورة الفتح: 1 – 6
(2)      سورة المائدة – 51 –
(3)     سورة المائدة – 82 –
(4)      تفسير مفاتيح الغيب ، التفسير الكبير/ الرازي
(5)      تفسير القرآن الكريم/ ابن كثير
(6)      سورة البقرة:111
(7)      سورة البقرة:120
(8)      سورة البقرة:135
(9)      سورة المائدة:82
(10)    سورة الحديد – 27 –
(11)     تفسير جامع البيان في تفسير القرآن/ الطبري
(12)    Thomson , Economic and Social History , page 397
(13)   د. نقولا زيادة ( إشراف)،  دراسات إسلامية، ص102.
(14)    الدكتور حبشي, وأبو شامة (تعريب)، كتاب الجستا، ذيل الروضتين, ص52.
(15)    تاريخ الرسل والملوك الطبري ج 4 ص 365 – 366

هناك تعليق واحد:

  1. ثانيا: نصارى: يرفعون الصليب رمزا للبغض والعداء.
    وبالطبع فهذا النوع من النصارى مذموم فلذلك قرنهم الحق -سبحانه وتعالى – و جمعهم مع اليهود من حيث الأطماع التي تأصلت في نفوس كلا الفريقين آلا وهي الرغبة في السيطرة على العالم وفي ذلك ذم لهم، فمذهب اليهود أنه يجب عليهم إيصال الشر إلى منْ يخالفهم في الدين بأي طريق كان، فإن قدروا على القتل فذاك، وإلا فبغصب المال أو بالسرقة أو بنوع من المكر والكيد والحيلة، وأما النصارى فليس في مذهبهم ذاك بل الإيذاء في دينهم حرام، ولكن هناك بعض النصارى الذين يحلو لهم بل تركزت عقيدتهم في إيذاء الغير وبخاصة المسلمين فناصبوهم العداء والشحناء في الماضي البعيد والحاضر القريب، ناصبوهم العداء في الحروب الصليبية تحت زعم انتهاك المسلمين لحرية ممارسة الشعائر الدينية للنصارى في بيت المقدس فلما قدموا لغزو بيت المقدس لم يفرقوا بين المسلمين والنصارى فيها، فلم يشفع الصليب لنصارى بيت المقدس لينجوا من الهلاك على يد حماة الصليب القادمين من أوربا، فاستباحوا من العرب مسلمين ونصارى كل شيء الأرض والعرض والمال، وما فعلوا ذلك إلا للغلظة التي غلفت قلوبهم فأنضجت الكراهية في نفوسهم ضد كل العرب من مسلمين ونصارى، وكما فعلوا ذلك قديما، وجدناهم يصمتون على كل جرائم اليهود ضد العرب مسلمين ونصارى في فلسطين، ولن نذكر الكثير من حوادث الماضي البعيد، فلا ينبغي علينا ألا ننسى حصار كنيسة المهد رمز النصرانية في العالم حين تحصن بها أكثر من مائتي فلسطيني بينهم مقاومون في عام 2002م إضافة إلى نحو ثلاثين راهبا من الفرنسيسكان. فحاصرتهم أكثر من عشرين دبابة إسرائيلية داخل الكنيسة كما احتل الجنود الإسرائيليون فندقا مجاورا لها. وفي هذا الحصار استشهد أحد الفلسطيني داخل كنيسة المهد برصاص قوات الاحتلال أثناء محاولته إخماد حريق شب في أحد الأديرة بسبب القصف الإسرائيلي. وقد أطلق قناصة إسرائيليون يحاصرون المكان الرصاص بكثافة حول الكنيسة،و وصف الرهبان الفرنسيسكان حصار وهجوم القوات الإسرائيلية على كنيسة المهد بأنه "عمل همجي يفوق كل وصف وستكون له عواقب بعيدة المدى"

    ردحذف

http://alfahd999.blogspot.com/