الفارابي
المعلم الثاني
إذا كان أرسطو هو المعلم الأول فإن أبى نصر الفارابي (870-950م)هو المعلم
الثاني، وهو يدل بلا شك على مكانته العالية في الفكر الفلسفي الإسلامي، كما يُعد ثاني
الفلاسفة العلماء في الحضارة الإسلامية بعد الكندي.
الفارابي
مؤلفات الفارابي
لقد كان الفارابي فيلسوفا وباحثا نظرياً موسوعياً في العلوم، كان عالماً
نظرياً في علوم الحياة والموسيقى والفيزياء والكيمياء والرياضة والطب والفلك، كما
أنه ألف الفارابي العديد من الكتب والرسائل خلال حياته وأسفاره، فقد ذكر مؤرخو العلوم
أنه ألف أكثر من مائتي مؤلف منها:
-
ألف في المنطق خمسا
وعشرين رسالة، وكتب أحد عشر شرحا على منطق أرسطو.
-
وسبعة شروح أخرى على سائر مؤلفات أرسطو ووضع أربعة
مداخل لفلسفة أرسطو.
- وخمسة مداخل للفلسفة عامة.
- وعشر رسائل دفاعا عن أرسطو وأفلاطون وبطليموس وإقليدس.
- وخمسة عشر كتابا فى ما وراء الطبيعة.
- وسبعة كتب فى الموسيقى وفن الشعر.
-
وستة كتب فى الأخلاق
والسياسة، وثلاثة كتب فى علم النفس.
-
كما وضع تصنيفا
للعلوم فى كتابه «إحصاء العلوم وترتيبها والتعريف بأغراضها». وبذلك فهو أول من وضع
نواة أو منهج لدائرة معارف إنسانية وعلومها فى عصره، ومعظم كتب الفارابي ورسائله وشروحه
مفقودة، وبعضها لا يوجد إلا فى ترجمات عبرية.
الفارابي والمدينة الفاضلة:
ويرى الفارابي أن أفراد المدينة الفاضلة لا تتحقق سعادتهم ولا تصبح مدينتهم
فاضلة إلا إذا ساروا على نفس نهج رئيسهم، بل إن الرئيس لا يعد مؤديا رسالته كاملة إلا
إذا وصل بهم إلى هذا المستوى الرفيع «وكذلك ينبغي أن تكون المدينة الفاضلة فإن أجزاءها
كلها ينبغي أن تحتذي بأفعالها مقصد رئيسها الأول»
ومن أبدع ما كتب فى هذا المجال كتابة آراء أهل المدينة الفاضلة، وهو واحد
من أهم الكتب التي كان همها الأساسي البحث للإنسان عن محيط فاضل مثالي يعيش فيه حياته.
قسم الفارابي كتابه إلى قسمين قسم فلسفي يتحدث فيه عن الله وصفاته وهو
تمهيد للقسم الثاني وهو سياسي اجتماعي يتحدث فيه عن المدينة الفاضلة.
الفارابي.
مواصفات رئيس المدينة
الفاضلة:
فهو يقر أن الإنسان لا يستطيع أن يبلغ أفضل كمالاته إلا فى المجتمع، والمدينة
الفاضلة شبيهة بالجسم الكامل التام الذي تتعاون أجزاؤه لتحقيق الحياة والمحافظة عليها،
وكما أن القلب هو الرئيسي لأعضاء الجسم كذلك يجب أن يكون رئيس المدينة أتم أعضائها
فهو إنسان كامل تحققت فيه الإنسانية على أكملها ويجب أن يتوفر فيه عدد من الشروط التي
يجب أن تتوافر فيه وهى:
· أن يكون تام الأعضاء.
·
خير الفهم.
· جيد الحفظ لما يفهمه ولما يراه ويسمعه.
· جيد الفطنة ذكياً.
·
وأن يكون حسن العبارة فصيحاً محباً
للتعليم والاستفادة.
·
وأن يكون غير شره على الطعام والشراب
والنساء.
· أن يكون محباً للصدق وأهله.
·
كبير النفس محباً للكرامة.
·
وأن تكون أعراض الدنيا هينة فى
نظره.
· أن يكون محباً للعدل وأهله ومقرباً لهم.
·
أن يكون قوى العزيمة على الشيء
الذي يرى أنه ينبغي أن يفعله.
وإذا لم تتوافر هذه الصفات فى رجل واحد فيرى الفارابي أنه إن وجد اثنان
بهما هذه الصفات فعليهما تولى رئاسة المدينة مشتركين.
تعريف المدينة الفاضلة:
يعرف الفارابي المدينة الفاضلة: بأنها المدينة القائمة على التعاون على
الأشياء التي تنال بها السعادة وهى تشبه الجسم الصحيح الذي يتعاون كل أعضائه على تتميم
الحياة وحفظها، وسكان المدينة الفاضلة لهم صفات مشتركة وكل فرد منهم له معارف وأعمال
تختلف عن غيره.
-
المدينة الجاهلة :وهى التي لم يعرف
أهلها السعادة الحقيقية واعتقدوا أن غاية السعادة فى إتباع الشهوات والتمتع بالملذات.
-
المدينة الفاسقة: وهى التي يعلم
أهلها كل ما يعلمه أهل المدينة الفاضلة ولكن أفعالهم مثل أفعال أهل المدينة الجاهلة.
- المدينة المتبدلة: وهى التي كانت آراءها فى القديم آراء أهل المدينة الفاضلة ولكنها تبدلت
وأصبحت آراء فاسدة.
- المدينة الضالة: وهى التي يعتقد أهلها آراء فاسدة فى الله والعقل الفعال، ويكون رئيسها
ممن أوهم أنه يوحى له وهو ليس كذلك.
ويرى الفارابي:
· أن كل نفس من أهل المدينة الفاضلة علمت الحقيقة والعقل الفعال تكون قد
اكتسبت الخلود وخلدت فى السعادة.
·
وأنفس أهل المدينة الجاهلة مصيرها
الزوال والعدم.
·
وأنفس أهل المدن الفاسقة تخلد فى
الشقاء.
· أما أنفس أهل المدن الضالة فمصيرها الزوال.
يتحدث الفارابي فى نهاية كتابه
عن رأى أهل المدينة الجاهلة فى العدل فهو قائم عندهم على قهر القوى للضعيف والقضاء
عليه واستعباده، وإذا طبق العدل عندهم فى البيع والشراء ورد الودائع فإن مرد ذلك يكون
الخوف لا حب العدالة، ولكن الفارابي يؤكد العدل بمعناه الحقيقي الذي تقوم على أساسه
الحياة الصحيحة فى المدن الفاضلة وهو نفس ما طالب به مفكرو الفقه السياسي الإسلامي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق