جني الثمار ... الربيع العربي
(ب) تابع (2) ملاحظات تؤخذ في الاعتبار:
سابعا: الاقتصاد والسياسة:
منْ لا يملك قوته لا يملك كلمته
أوقفت الإدارة الأمريكية صرف 450
مليون دولار من المساعدات التي كانت وزارة الخارجية قد قررت تقديمها لمصر، وهذه
الخطوة تحدث لأول مرة،
لكنها تبعث برسالة مهمة هي ضرورة الاعتماد على النفس، وشد الحزام على البطون ، وأن نعى أن من لا يملك قوته لا يملك قراره إن السبيل لخروج هذه الأمة من التبعية لغيرها يكمن في امتلاكها لقوتها وما يسد رمقها و إنه لا سبيل لامتلاك ناصية القرار و الإفلات من تحكم و سيطرة الأعداء و الدول الكبرى إلا بتحقيق كفايتها: فمن لا يملك قوته لا يملك قراره. إن المدخل و البوابة للإصلاح السياسي الإصلاح تنحصر في الإصلاح الاقتصاد, فلا استقلال للقرار السياسي بدون استقلال اقتصادي.
لكنها تبعث برسالة مهمة هي ضرورة الاعتماد على النفس، وشد الحزام على البطون ، وأن نعى أن من لا يملك قوته لا يملك قراره إن السبيل لخروج هذه الأمة من التبعية لغيرها يكمن في امتلاكها لقوتها وما يسد رمقها و إنه لا سبيل لامتلاك ناصية القرار و الإفلات من تحكم و سيطرة الأعداء و الدول الكبرى إلا بتحقيق كفايتها: فمن لا يملك قوته لا يملك قراره. إن المدخل و البوابة للإصلاح السياسي الإصلاح تنحصر في الإصلاح الاقتصاد, فلا استقلال للقرار السياسي بدون استقلال اقتصادي.
فلقد عمل الغرب الصليبي في العقود السابقة على إجهاض أي نهضة اقتصادية
عربية حقيقية، خاصّة أن الدول العربية، تخرج من الثورات أكثر عجزا عن التحكم في مواردها
وفي سياساتها الاقتصادية؟
من العبارات المأثورة عن الرئيس المصري الراحل جمال عبد
الناصر هي عبارة "ارفع رأسك يا أخي"، عبارة لم تكن مشحونة بالقيم
السياسية فقط، بل كانت تحمل في طياتها مضامين اقتصادية، تجعل من
الاعتزاز بالانتماء إلى الفضاء العربي، أمرا حقيقيا وليس امرأ فلكلوريا.
فصنع القرار السياسي ليس أمرا سهلا ليس قرارا فرديا يصنعه شخص أو فرد يظن في نفسه الإلهام في زمن انقطع فيه الوحي
والإلهام مع انقطاع الأنبياء والرسل.
فالدولة القوية قرارها لا يأخذه
شخص مهما علا حجمه أو ارتفع نجمه إنما يتمثل في نظام سياسي قوى يحتوى على مؤسسات
حكم وتوازن سلطوى واقتصاد قادر على تلبية الحاجات الأساسية للشعب، فإذا كان هذا الاقتصاد هش فسيسقط القرار السياسي
في بوتقة التبعية لمن يملك هذا الاقتصاد القوى على حد قول الرئيس الراحل عبد
الناصر منْ لا يملك قوت يومه لا يملك حريته ومن أبرز أقوال أساتذة الاقتصاد السياسي
في ذلك الأمر:
د/ احمد ثابت أستاذ الاقتصاد السياسي
بجامعة القاهرة قائلا : هناك علاقة قوية بين اقتصاد الدولة القوى وقدرتها على
اتخاذ القرار السياسي المستقل في مجال التعامل مع المؤسسات والمنظمات الدولية وإذا
كانت هناك تنمية اقتصادية حقيقية تؤدى إلى تطوير البناء الاقتصادي وتقوم بتلبية
الاحتياجات الأساسية للشعب فإن الدولة لا تكون معرضة لأحد الضغوط سواء كانت سياسية
أو اقتصادية من الخارج ، وتحرر نفسها مما تلجأ إليه الدول الكبرى وعلى رأسها
الولايات المتحدة من استخدام الغذاء كسلاح .
فقد استخدمت الولايات المتحدة هذا السلاح ضد الاتحاد السوفيتي السابق
قبل وبعد غزوه لأفغانستان، كما تضغط أمريكا الآن على حلفائها لكي لا يقدموا قروضا
ومساعدات تكنولوجية وغذائية لروسيا حتى لا تشكل خطرا على المصالح الأمريكية وحتى
تنكمش روسيا في حدودها ولا تتطلع إلى مد نفوذها إلى الدول المجاورة .
ويرى د/ احمد ثابت أن المسئولين في مصر اخطأوا في القرار الذي يجعل
مصر تستورد السلع الأساسية مقابل الاهتمام بزراعة الزهور والورود بغرض تصديرها ،
وبالفعل هناك دور اثبت خطأ هذا القرار مثل الصين والهند وكوبا فهي ركزت على إنتاج
السلع الأساسية فمتخذي القرار عندنا فهموا قضية التصدير خطأ وتصورا أن غالبية
قطاعات الاقتصاد يجب أن توجه للتصدير فانتهى الأمر إلى قلة ما يصدر وغرقت البلاد في
الاستيراد فقد بلغت صادراتنا 4 مليارات دولار فقط بينما بلغت الواردات 22 مليار
دولار دون ضابط ولا رابط .
ويرى د/ احمد ثابت .. ان الشروط المجحفة للمعونة الأمريكية لمصر أدت إلى
فقدان استقلال القرار المصرى وتأثر الحكومة الشديد بهذه الشروط فمنها مثلا ضرورة
شراء سلع وبضائع ومنتجات أمريكية وان تشحن على سفن أمريكية وان ما لا يزيد على 50
مليون دولار هي الجزء النقدي من المعونة الاقتصادية والعسكرية البالغة الآن 3، 1
مليار دولار بينما المعونة الأمريكية لإسرائيل تأخذها كلها نقدا وهى 3 مليارات
دولار.
ويعطى د/ احمد ثابت أمثلة لتأثير المعونة في القرار المصرى رفض
الولايات المتحدة أن تشترى مصر قمح ارخص من الأرجنتين واستراليا وتحت ضغوط من أمريكا رفضت مصر عرضا من استراليا باستصلاح ألاف
الأفدنة وزراعتها في مصر ويضيف أن معظم مخصصات المعونة الأمريكية منذ عام 1975
وحتى الآن لم توجه إلى بناء مصانع حيوية تخلق فرص عمل لملايين العاطلين وتفيد في
بناء البلد اقتصاديا وتكنولوجيا ويحصل الخبراء الأمريكان الذي قدر عددهم ب26 ألف
خبير على 35 % من هذه المعونة .
د/ إبراهيم درويش أستاذ النظم السياسية بجامعة القاهرة بقول : بإيجاز
شديد إن الاقتصاد يحكم إلى حد كبير القرار السياسي سواء تعلق الأمر بالداخل أو
بعلاقة الدولة بالغير منذ نشأة الدولة القومية إلى اليوم وفى الغد أيضا، وآية ذلك ما
نراه من تحالفات دولية وإقليمية وما حدث لدول شوق أوروبا بعد تفلك الاتحاد السوفيتي
حيث بنت تلك الدول علاقتها بناء على ما سوف تحققه من نمو اقتصادي ومساعدات تقدم
وتدعم هذا النمو.
ويضيف د/ إبراهيم درويش انه
بعد ما حدث في نيويورك وواشنطن كانت دعوة الولايات المتحدة لرد اعتبارها وهو قرار سياسيا
بالتأكيد إلى التحالف مع دول تتزعمها للوقوف معها سواء عسكريا آو سياسيا و تقديم
التسهيلات العسكرية أو الاشتراك الفعلي وقد بنت جميع الدول ومنها مصر علاقتها بأمريكا
في هذا الأمر بشكل أو بأخر على ما سوف يجنيه من معونة اقتصادية مباشرة أو غير
مباشرة مثل التنازل عن الديون أو جدولتها بشكل ما.
وهذا هو الواقع في النظام السياسي
الدولي وسوف يكون للمعيار الاقتصادي أثرا كبيرا على القيادات السياسية لما هو أتى
بعد الحرب على أفغانستان . أما عن مدى تأثير المعونة في صناعة القرار السياسي المصري
الذي ثار حوله كثيرا من الجدل فهناك من يرى بضرورة المعونة لدعم الاقتصاد وهناك من
يرى أن نظام المعونة من أسوأ النظم في حقيقته في العلاقات الدولية لشروطها المجحفة.
ويرى مايكل أستون رئيس هيئة
المعونة الأمريكية السابق في مصر: أن هذه المعونة مشروطة بتنفيذ الحكومة المصرية
للتصور الأمريكية للسياسة الاقتصادية الواجب تطبيقها في مصر وفى مقدمتها تنشيط
القطاع الخاص وتعويم الجنيه المصرى
ويرى د/ ميلاد حنا المفكر والكاتب الصحفي:
إن المعونة والقروض الميسرة ليست أموالا خيرية تقدم لوجه الله وإنما
لها مردودها السياسي في التأثير على صناعة القرار في الدول المتلقية لهذه المعونة
وهو ما دل عليه مؤخرا ما حدث في باكستان فعندما وعدت بتقديم تسهيلات لأمريكا عند
غزوها لأفغانستان في نفس اليوم أعلنت أمريكا أنها ستسقط القروض القديمة التي على
باكستان وهو نفس ما حدث مع مصر في التحالف الدولي المكون ضد العراق على الرغم من أن
هذا القرار قد لا يكون في صالح الدولة ولكنها الحاجة
فإذا كنا لا نملك تحرر اقتصادي يعصمنا من اللجوء و الاعتماد على
الغير، فهل سيكون لدينا حرية في القرار السياسي؟!!!!!!!
المعونة الأمريكية لمصر وتأثيرها على القرار السياسي المصري:
يقول د/ احمد ثابت
مصر ليست في حاجة إلى معونة أمريكية لان شروطها السياسية والاقتصادية أضعفت
استقلال القرار السياسي والاقتصادي للبلاد فحجم المعونة والدعم الاقتصادي المزعوم وأكثر
منه بكثير تحصل عليه الحكومة من الضرائب على الدخول والرسوم والدمغات سنويا من
بسطاء الشعب، فالحكومة تحقق مالا يقل عن 50 مليون جنيه من هذه الرسوم والدمغات
والضرائب ولكن هناك وهم غير صحيح لدى متخذي قرارنا بان للمعونة الأمريكية دور هام في
الاقتصاد، ولو فرضت الحكومة المصرية ضرائب على المشروعات الاستثمارية والاستهلاكية
المنتشرة في البلاد لحصلت على ما لا يقل عن 5 مليارات دولار ولو لاحقت المتهربين
والمستوردين لحصلت على 5 مليار أخرى
. كما يؤكد أن الوهم من مخاطر قطع المعونة هو الذي يجعل الحكومة
المصرية تأخذ مواقف ضعيفة وغير حاسمة تجاه الغطرسة الصهيونية ضد الانتفاضة
الفلسطينية وضد انحياز أمريكا التام لإسرائيل وسكوت الحكومة عن التدخل الامريكى في
الشأن الداخلي والضغط على مؤسسات التمويل الخارجية ممثلة في البنك الدولي وصندوق
النقد الدولي وأيضا على الاتحاد الاوربى حتى لا يقدم مساعدات تقنية واقتصادية لمصر
ولهذه المواقف الضعيفة كان القرار المصري غير حاسم تجاه القضية الفلسطينية
الاقتصاد المصري ميزانه التجاري به خلل كبير لصالح الخارج وما لم يتم
القضاء على هذا الخلل فلن يكون لنا اى تأثير على الغير.. وعندما نصبح قادرين وغير
متلقين للمعونات ونقوم بإعطاء جيراننا استثمارات حكومية عندئذ نصبح قادرين على
المساهمة في تشكيل السياسة العالمية والى أن يتم هذا ستظل الدولة عديمة التأثير الخارجي
بجميع مستوياته.
وبمناسبة ذكر الدور المصري على المستوى الخارجي يقول د/ ميلاد حنا أن
قرار الحكومة المصرية بإلغاء وزارة الهجرة كان قرارا خاطئا فكان دورها كبيرا في
تسهيل وسفر العمالة الخارجية وبعودتها سيكون هناك تأثير ايجابي سياسيا واقتصاديا
فعلى الصعيد السياسي سيكون للمصريين بالخارج دور كبير ومدعما ومسهلا لصناعة قرار مصري
بدون اى ضغوط عن طريق تكوين جماعات الضغط في الخارج ومن هذه الدول بالطبع أمريكا وأتمنى
في التعديل الوزاري القادم أن يكون هناك موقع لوزير كفء يحصل على حافظة وزارة الهجرة.
أما عن دور رجال الأعمال في القرار المصري
في ظل وجود منظمات علنية لها إطارها القانوني ووظيفتها المحدودة هي حماية مصالح
رجال الأعمال ومنها على سبيل المثال اتحاد البنوك والمجلس المصري الامريكى الذي تأسس
1995 وكشف ديباجة التأسيس فيه عن النية في أن يقوم بدور مؤثر في صناعة القرار المصري
وإصدار التشريعات التي تتفق مع رؤية التغيير ناحية الحرية الاقتصادية والغرفة الأمريكية
الموجودة في مصر منذ 13 عاما ويرأس مجلس إدارتها محمد منصور صاحب توكيل سجاير أمريكية
شهيرة وبعد أن ظهر أن هذه التنظيمات تضم عددا كبيرا من رؤساء الوزراء ووزراء
سابقين وبعض المحافظين وقيادات القطاع العام بحيث لم يعد هناك فصل بين أولئك الذين
يسيطرون على مفاتيح العمل العام وأولئك الذين يتقلدون السلطة داخل جهاز الدولة وأخيرا
وصول بعضهم إلى مجلس الشعب.
وفى هذا الأمر يقول د/ إبراهيم درويش بداية لا يوجد رجال أعمال في مصر
إنما الموجود رجل مال فمن أين جاءوا بهذه الأموال ؟ هذا هو السؤال وتبين الوقائع
حتى الآن رغم وصولهم لمجلس الشعب اتهم لا يسعون إلا لتأكيد الشخصية ويرى د/ ميلاد
حنا أن جمعيات رجال الأعمال في مصر ليست من القوة التي قد يتوهمها الجميع بسبب
بسيط وهو أنهم لم يتحولوا إلى طبقة بعد لتقوم بالتأثير على صنع القرار السياسي وان
كانت تحاول أن تجد لها مكانا فهي ليست حزبا سياسيا أو جماعة تمول رموزها لتصل بهم إلى
مجلس الشعب حتى المجلس نفسه ليس له دور في صناعة القرار المصري فهو ليس مؤسسة
حاكمة ولا تفيد وزارة أو وزير فلم اسمع يوما أن مجلس الشعب سحب الثقة من وزير أو
اعترض على ترشيحه إذا هو من باب الديكور فقط وليس له اى فاعلية. ورئيس الجمهورية
غير ملزم بتقديم التشكيل الوزاري للمجلس، معنى ذلك انه ليس لرجال الأعمال دور في
صناعة القرار السياسي في مصر إلا من خلال تحقيق مصالحهم فقط دون اى تأثيرات أخرى.
إن النظام الاقتصادي لا يقف في فراغ إنما يؤثر ويتأثر في جميع
المجالات الأخرى فطالما الدولة ذات اقتصاد قوى بنى على أسس ومعايير واضحة ويحقق
الاكتفاء الذاتي فأنها بذلك تملك حرية صنع قرارها، ويضيف د/ جودة أن هناك قرارات
اقتصادية قد لا يعرف بالضبط من هو المسئول عنها مثل قرارات الخصخصة.. فالكل يتنكر
منه لذا فليس هناك من تحاسبه وهذه مشكلة سياسية فالكل يتنكر من الحساب فالبقيع
مباشرة قرار غير سليم فتم بيع الناجح وفشل في بيع الخاسر، فكثير من السياسات التي
تطبق كالسياسات الضريبية وسياسات سعر الصرف بهما خلل جسيم وهى مسئولية الحكومة.http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=37490 (1)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق