الاثنين، 9 أبريل 2012

وداعا البابا شنودة وأأسف للتأخير




وداعا البابا شنودة وأأسف للتأخير

وداعا البابا شنودة وأأسف للتأخير
في البدء أقرر أنني لست بصدد نقد المسيحية أو غيرها من الأديات فكل فرد حُر فيما يدين ويعتقد، فحرية العقيدة والاعتقاد حق أصيل للجميع، فلست أنا منْ منح أو يمنح هذا الحق، فالذي منحه – خالق السموات والأرض – قال تعالى في سورة البقرة (256): (  لاَ إِكرَاهَ في الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشدُ مِنَ الغي فَمَن يَكفُرۡ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤمِن بِاللّهِ فَقَدِ استَمسَكَ بِالعُروَةِ الوُثقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ )
 كما أنه ليس من حقي ولا من حق أي فرد محاسبة إنسان ما على عقيدته،  فكيف أحاسب إنسان على حق قد أعطاه له الحق – تبارك وتعالى –، كما أنه ليس من حقي تسفيه عقائد الآخرين، أو الطعن فيها، وقدوتي في ذلك الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – فلم يثبت عنه أنه سخر أو تهكم على أي عقيدة أو معتقد، وهو في ذلك ينفذ – صلى الله عليه وسلم – ما أمره به الحق – جل وعلا – في سورة النحل(125 ) قال تعالى (ادعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالحِكمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجَادِلهُم بالتي هي أَحسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعلَمُ بِالمُهتَدِينَ)
وما أمر به – سبحانه – موسى وهارون – عليهما السلام -  في دعوتهم لفرعون في سورة طه (44،45) حيث قال تعالى (اذهَبَا إِلَى فِرعَونَ إِنَّهُ طَغَى فَقُولَا لَهُ قَولًا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَو يَخشَى)

إخواني وبني جلدتي لقد أجل الإسلام بشقية القرآن والسنة، أهل الديانات السمواية – اليهودية والنصرانية – بل إنه قد حث وأمر المسلمين على الإقرار بتلك الديانات والإعتراف والإيمان برسولها، وما فعل الإسلام ذلك إلا لآنه الحلقة الأخيرة من الأديان السماوية قد جاء إلى الناس كافة فمنْ شاء فليؤمن، ومنْ شاء فليكفر والأجر والثواب كما أن الحساب والعقاب بيد منْ فرض حرية العقيدة والإعتقاد – سبحانه وتعالى في علاه -
قال تعالى في سورة البقرة – 136 - (قُولُوٓا۟ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَآ أُنزِلَ إِلَىٰٓ إِبْرَٰهِۦمَ وَإِسْمَٰعِيلَ وَإِسْحَٰقَ وَيَعْقُوبَ وَٱلْأَسْبَاطِ وَمَآ أُوتِىَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَآ أُوتِىَ ٱلنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍۢ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُۥ مُسْلِمُونَ )
بل أكثر من ذلك وجدنا الحق – تبارك وتعالى – يأمر رسوله – صلى الله عليه وسلم – بأن يُعطي الأمان لمنْ طلبه من المشركين، بل وأكثر من ذلك يعد أن يعرض عليه الرسول – صلى الله عليه وسلم – كلام الله فإن أمن فبها ونعمة، وإن رفض الإيمان تعين على الرسول – صلى الله عليه وسلم – أن يوصله إلى المكان الذي يشعر فيه بالأمان قال تعالى في سورة التوبة – 6 – (وَإِنْ أَحَدٌۭ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ ٱسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلَٰمَ ٱللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُۥ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌۭ لَّا يَعْلَمُونَ )
ولا ننسى ما جاء على الرسول الصادق الأمين – صلى الله عليه وسلم حيث قال:
( منْ آذى ذميا فقد آذاني)
( منْ كان على يهودية أو نصرانية فلا يفُتتن عنها)
( منْ ظلم معاهدا أو انتقصه أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئا بغير طيب نفس فأنا حجيجه يوم القيامة) 
مما تقدم يبرز لنا مدى تقدير واحترام الإسلام ليس لأصحاب وأتباع الديانات السماوية فحسب، ولكن يبرز لنا أيضا احترام الإسلام لغير الكتابيين من المشركين والمجوس في إطار مبدأ حرية العقيدة والإعتقاد الذي كفله وأرسى مبادئه الإسلام الحنيف، فلم يثبت على الدين الإسلامي في عهد الرسول الكريم – صلى الله عليه وسلم – أو في عهد أحد من خلفاؤه الراشدين أنه أجبر أي امرء على ترك دينه واعتناق الإسلام سواء بالترغيب أو الترهيب.
من ذلك المنطلق تأتي هذه التحية مني للبابا شنوده راعي الكنيسة الأرثوذكسية من منطلق عقيدتي الإسلامي أولا، ثم من منطلق مواقفه الوطنية التي كانت جدار منيع لهذا الوطن في وقت الأزمات والصعاب.
إخواني وبني جلدتي إن بعض المواقف التي صدرت من بعض المسلمين بعد وفاة البابا شنودة مثل اللذين رفضوا تقديم واجب العذاء في وفاته أو الذين رفضوا الوقوف دقيقة حداد على روحه في مجلس الشعب أو ماصدر من بعضهم من ألفاظ جارحة مثل الذي قال – سامحه الله – مات رأس الكفر ، فهؤلاء وغيرهم للأسف لم يفهموا حقيقة دينهم الذي به يؤمنون ولقد أساؤا إلى الإسلام قبل أن يسيؤا إلى البابا شنودة، وحتى تتضح أمامنا الصورة جلية لا ريب فيه، تعالوا نتدبر تلك الآيات.
قال تعالى: [وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ] {البقرة:111
وقال جل شأنه: [وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ اليَهُودُ وَلَا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللهِ هُوَ الهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ العِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ] {البقرة:120}
وقال سبحانه وتعالى: [وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ المُشْرِكِينَ] {البقرة:135}
وقال تبارك وتعالى: [لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا اليَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ] {المائدة:82}
ففي تلك الآيات الكريمات نجد الحق _ تبارك وتعالى _ يحدثنا عن نوعين من المسيحية، ففي آيات سورة البقرة ( 111 – 120 – 135 ) نجده _ سبحانه _ قد جمع بين اليهود وبين المسيحيين من حيث الأطماع التي تأصلت في نفوس كلا الفريقين آلا وهي الرغبة في السيطرة على العالم وفي ذلك ذم لهم.
ثم نجده _ جل شأنه _ في آيات سورة المائدة ( 82 ) قد فرق بين اليهود وبين المسيحيين فجمع اليهود مع المشركين استكمالا لذمهم، ثم اختص المسيحيين بمدح كريم آلا وهو قربهم من المؤمنين، وبذلك يكون القرآن الكريم قد فرق بين نوعين من المسيحية: الأول منهم: مذموم مع اليهود وهو ما يمكن أن طلق عليه المسيحية السياسية، والثاني محمود أو ممدوح وهو ما يمكن أن نطلق عليه المسيحية الدينية وفيما يلي نجتهد بعون الله وتوفيقه في إلقاء الضوء على كلا الفريقين:
أولا: المسيحية السياسية أو المسيحية المذمومة:
ونقصد بها تلك المسيحية التي تنتشر في بلاد ودول الغرب في أوربا وأمريكا، والتي تحاول جاهدة بسط نفوذها على العالم تحت ستار المسيحية، ولذلك فهي تطلق اليد لمبشريها للعمل في جميع أرجاء العالم، وذلك من خلال هدف معلن وهو نشر الدين المسيحي، وآخر خفي يتمل في بسط سيطرة ونفوذ الكنيسة الغربية على العالم بأثره، فكما حاولت الكنيسة الغربية فعل ذلك في الماضي، فها هي تعيد نفس الكرة في الوقت الحاضر.ففي الماضي كانت الحروب الصليبية، والآن نجد حملات التبشير بالدين المسيحي تغزو العالم بأثره، وبخاصة في المناطق التي تكثر فيها الصرعات التي تنميها السياسة الغربية كخطوة مكملة في نفس اتجاه الغزو الصليبي الغربي الجديد، ولا تتمثل خطورة ذلك الأمر في نشر الديانة المسيحية، وإنما مكمن الخطورة في أن هذه المسيحية التبشيرية ليست هي المسيحية التي جاء بها السيد المسيح ( عليه السلام) ولكنها مجموعة من التعاليم السياسية الأصل ذات المظهر الديني والتي تهدف إلى:
·      ربط آسيا وأفريفيا بعجلة الغرب عن طريق نشر الدين.
·      خلق فكر مسيحي يقف أمام الفكر الإسلامي والفكر المسيحي المعتدل في شتى مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والدولية.
ويندهش الباحث حينما يرى كبار رجال الكنائس وهم يتناسون المسيحية ومبادئها الأصلية السمحة، ويجندون أنفسهم لخدمة الاستعمار الغربي، وهم يتخذون الدين المسيحي وسيلة للضغط على الشعوب المسيحية في الدول النامية حتى لا تتطور، وحتى تبقى بمنأى عن الرقي والتصنيع والتقدم:
- فإذا كانت الكنيسة في الغرب تقر بمبدأ فصل الدين عن الدولة، فهي لا تقر بذلك المبدأ بالنسبة لدول الشرق وذلك ليظل كلام الكنيسة سيفا مسلطا على رقاب العباد.
- وإذا كانت الكنيسة في الغرب تبارك التصنيع، فإنها تعارض ذلك التصنيع في بلاد الشرق وتبرر ذلك:
* بزعمها أن العامل يعتبر نفسه خالقا، وهذا يتنافى مع الإيمان، واعتبار الإنسان مخلوقا.
* كما تبرر ذلك الرفض للتصنيع في بلاد الشرق أيضا بزعمها أن الثروة التي ستعود على البلاد من التصنيع ستجلب الشر على المسيحيين بالبلاد النامية، لآن ارتفاع مستوى المعيشة ستصحبه كثرة الخطايا والشرور.
*كما ترى الكنيسة أن التقدم لن يتم إلا بالتضحية بالتراث والتقاليد الموروثة، ولذلك فهي تقرر أن الاحتفاظ بالتراث والتقاليد الموروثة خير من التقدم الاقتصادي، وتتخذ المجالس الكنسية العليا كل التدابير لتنفيذ ورعاية هذه السياسة الظالمة.
تلك هي أبرز سمات المسيحية السياسية التي تتستر خلف الدين في محاولة منها لاستعمار بلاد الشرق، فهي تحافظ على تفشي الجهل والمرض فيهم من أجل أن يكونوا لقمة سائغة للاستعمار المتستر خلف الدين المسيحي، ودعاوى التبشير.تلك هي المسيحية السياسية التي فشل جندها في الحملات الصليبية في الماضي، فعاود الكرة بالاستعمار، فلما حصل المشرق على حريته عمدت إلي الوقوف في وجه تقدمه ورقيه وحاربت صناعته ووصفته بالجهل والتخلف.
وهي تهدف من وراء ذلك إلى مواصلة استعماره سياسيا وفكريا واقتصاديا... الخ تلك هي المسيحية السياسية والكنيسة الغربية
التي كان جنودها يرددون وهم يستعدون لاستعمار بلاد الشرق على اختلاف شعوب تلك البلاد ما بين مسلمين ومسيحيين، كان جندها يردد وهو يرتدي خوذة القتال قائلا:
 أماه
أتمي صلاتك       لا تبكي
بل اضحكي وتأملي
أنا ذاهب إلى طرابلس
فرحا مسرورا
سأبذل دمي في سبيل سحق الأمة الملعونة
سأحارب الديانة الإسلامية
سأقاتل بكل قوتي لمحو القرآن.
ثانيا المسيحية الدينية أو المسيحية الممدوحة:
ونقصد بها المسيحية التي نزل بها السيد المسيح ( عليه السلام ) والتي تدعو إلى التسامح ونبذ التعصب والعدوان، تلك هي المسيحية الحق، والتي دعا إليها السيد المسيح ( عليه السلام ) الذي كان على الدوام يردد ومن بعده تلاميذه يرددون:     
{ كالوطني منكم يكون الغريب النازل عندكم، وتحبه كنفسك، لأنكم كنم غرباء في أرض مصر، أنا الرب إلهكم }
{ لا تضرب الذين سبيتهم بسيفك وبقوسك، ضع خبز وماء أمامهم،  فيأكلوا أو يشربوا ثم ينطلقوا إلى سيدهم }
{ احملوا بعضكم أثقال بعض، شجعوا صغار النفوس، اسندوا الضعفاء تأنوا على الجميع }
{ البسوا المحبة التي هي رباط الكمال }
{ وأما أنا فأقول لكم أحبوا أعدائكم، باركوا لا عينيكم، أحسنوا إلى مبغضيكم، وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم، ويطردونكم }   { باركوا الذين يضطهدونكم باركوا ولا تلعنوا }
{ إن جاع عدوك فأطعمه، وإن عطش فأسقه، لأنك إن فعلت هذا تجمع جمرا على رأسه }
{ غير مجازين عن شر بشر، أو عن شتيمة بشتيمة، بل بالعكس مباركين، عالمين أنكم لهذا دعيتم لكي ترثوا بركة } { أكرموا الجميع أحبوا الأخوة، أكرموا الرئيس }
ذلك هو الدين المسيحي الذي دعا إليه السيد المسيح ( عليه السلام )، وتلك هي المسيحية المنزهة عن الكيد والغل والطمع في ما يملكه الغير، وتتمثل تلك المسيحية في الكنيسة الشرقية بصفة خاصة ومسيحي المشرق بصفة عامة، فهؤلاء هم الذين قصدهم الحق تبارك وتعالى _ في قوله – جل شأنه _ [وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ] {المائدة:82}
فهؤلاء هم أتباع السيد المسيح ( عليه السلام ) وسفراء محبته، وكما حدث في الماضي البعيد حين وقف هؤلاء النصارى في خندق واحد مع إخوانهم المسلمين في وجه الحملات الصليبية، فلقد وجدناهم يقاتلون جنبا إلى جنب إخوانهم المسلمين على الرغم من أن الغاصب المعتدي كان يرفع شعار الصليب، ولكنهم لم ينخدعوا بذلك الشعار لأنهم مع الحق لا الباطل، علاوة على إنهم يدركون كذب الشعار وزيفه، وبعد الحروب الصليبية وجدناهم في ذات الخندق مع المسلمين يقاتلون الاستعمار ويقاومونه على امتداد أرض المشرق العربي وهم يرفعون شعار وحدة الهلال مع الصليب في وجه الصليبي الغاصب المحتل، وذلك ما دعا اللورد كرومر المندوب البريطاني في مصر وقت الاحتلال إلى القول: إنني لا أفرق بين المسلم والمسيحي في مصر بغير أن الأول يدخل المسجد، والثاني يدخل الكنيسة )
وحديثا وجدناهم يرفضون دخول القدس إلا مع إخوانهم المسلمين، ووجدناهم يرفضون التصفية الجسدية لمسلمي البوسنة والهرسك والشيشان، وما كل ذلك إلا لأنهم أتباع السيد المسيح ( عليه السلام ) الداعي إلى السلام والأمن، والرافض للغصب والكيد والاحتلال، كما أنهم بحق إخواننا ورفقاء كفاحنا لهثا وراء السلام والحفاظ على حسن الجوار وعدم الاعتداء والرحمة والعدل.
                        رموز تنعي وفاة البابا شنودة
 (1)شيخ الأزهر: لن ينسى المصريون مواقف البابا شنودة الوطنية والقومية السبت 2012/3/17 9:12 م
نعى فضيلة الإمام الأكبر الدكتور احمد الطيب شيخ الأزهر الشريف إلي مصر والعالم وفاة قداسة البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية الذي وافته المنية مساء اليوم ، مشيدا بمواقف البابا الوطنية والقومية التي لا يمكن أن ينساها احد من المصريين خاصة مواقفه من قضيتي القدس وفلسطين وكذلك حبه الكبير لمصر والمصريين وحرصه البالغ على تحقيق السلم والأمن الاجتماعي بين أبناء الوطن الواحد مصر.
 وقال الإمام الأكبر في بيان له مساء اليوم أن مصر فقدت احد رجالها المعدودين في ظروف دقيقة تحتاج فيها لحكمة الحكماء وخبرتهم وصفاء أذهانهم .
 وأضاف قائلا "لم يكن لفقيد مصر مواقفه الوطنية وشخصيته الخيرية وسعيه الدءوب على المستوى الوطني فحسب ،بل على الصعيد القومي حيث عاشت قضية القدس ومشكلة فلسطين في ضميره ولم تغب أو تهون أبدا فقد بذل البابا شنودة قصارى جهده من اجل الدفاع عنهما.
 وأشار شيخ الأزهر إلى أن أحدا من المصريين لن ينسى كلمة البابا التي تعبر عن شخصيته الوطنية خير تعبير أن مصر ليست وطنا نعيش فيه بل وطن يعيش فينا، وقال "عوض الله مصر والأخوة الأقباط في مصابنا ومصابهم ".
 وتابع الدكتور الطيب "أن الأزهر يشعر بخسارة كبيرة لفقد قداسة البابا ويأمل ويرجو أن يقيد الله لمصر من يحمل رسالته بما يعود على مصر بمزيد من المحبة والأخوة والسلام لمواقفه الرائعة من وطنه مصر والقضايا القومية"
(2)المجلس الصوفي العالمي:وفاة البابا شنودة خسارة كبيرة لمصر وشعبها  السبت 2012/3/17 9:13 م
نعى الشيخ محمد الشهاوي شيخ الطريقة البرهامية الشهاوية ورئيس المجلس الصوفي العالمي قداسة البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية الذي توفي في وقت سابق اليوم السبت، عن عمر يناهز الـ89 عاما، بعد صراع طويل مع المرض، معتبرا انتقال البابا إلى الأمجاد السماوية خلال تلك الفترة الدقيقة من عمر الوطن خسارة كبيرة لمصر وشعبها.
 وأشاد الشهاوي في بيان صدر مساء اليوم بفكر البابا الذي التحق بجامعة فؤاد الأول، في قسم التاريخ، وبدأ بدراسة التاريخ الفرعوني والإسلامي والتاريخ الحديث، وحصل على الليسانس بتقدير ممتاز عام 1947، وفي السنة النهائية بكلية الآداب التحق بالكلية الإكليركية. وبعد حصوله على الليسانس بثلاث سنوات تخرج في الكلية الإكليركية وعمل مدرسا للتاريخ.
 وأشار بيان المجلس الصوفي العالمي أن إلى أن قداسة البابا قبيل ترسيمه حضر فصولا مسائية في كلية اللاهوت القبطي وكان تلميذا وأستاذا في نفس الكلية في ذات الوقت، كما انه كان يحب الكتابة وخاصة القصائد الشعرية وكان لعدة سنوات محررا ثم رئيسا للتحرير في مجلة مدارس الأحد وفي الوقت نفسه كان يتابع دراساته العليا في علم الآثار القديمة.
 تجدر الإشارة إلى أن قداسة البابا اسمه الحقيقي قبل دخول سلك الرهبنة هو نظير جيد وتم ترسيمه راهبا باسم (انطونيوس السرياني) في يوم السبت 18 يوليو 1954، ومن أقواله المأثورة أنه وجد في الرهبنة حياة مليئة بالحرية والنقاء. ومنذ عام 1956 حتى عام 1962 عاش حياة الوحدة في مغارة تبعد حوالي 7 أميال عن مبنى الدير مكرسا فيها كل وقته للتأمل والصلاة.
(3) وزارة الأوقاف :البابا شنودة نموذج للوطنية المخلصة ورمز للوطن
السبت 2012/3/17 9:27 م
نعت وزارة الأوقاف  باسم علماء ودعاة وخطباء مصر  قداسة البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية الذي وافته المنية في وقت سابق مساء اليوم وأشاد وزير الأوقاف الدكتور محمد عبد الفضيل القوصى  في بيان له مساء اليوم بقداسة البابا باعتباره نموذجا للوطنية المخلصة ورمزا من رموز الوطن المخلصين .
 مشيرا إلى أن مصر فقدته في وقت تشتد فيه الحاجة إليه ولشخصه ولأمثاله المخلصين للوطن والحريصين على تماسكه ووحدته وتقدمه.
 وأعربت وزارة الأوقاف  باسم الوزير الدكتور محمد عبد الفضيل القوصى والعلماء عن مشاركة الأخوة الأقباط مشاعرهم تجاه هذا الرمز الكبير متمنية أن يتقبلوا هذا الحادث الجلل بالتماسك والصبر.

(4) الشاعر الكبير فاروق شوشة

شوشة": لن ننسى نضال البابا شنودة الوطنى ودفاعه عن عروبة القدس
الأحد، 18 مارس 2012 - 15:56
عبر الشاعر الكبير فاروق شوشة، عن بالغ حزنه الشديد لرحيل قداسة البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية، وبطريرك الكرازة المرقسية مساء أمس، السبت، عن عمر يناهز الـ89 عاما، بعد صراع مع المرض الشديد.
وقال "شوشة" الأمين العام لمجمع اللغة العربية، فى تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع" إن البابا شنودة كان أحد الرجال الوطنين النادرين فى هذا العصر، ممن امتلأت قلوبهم ووجدانهم بمحبة الوطن، وكانوا يمثلون دائما صوت الحكمة والشجاعة، ويغلبون مصلحة الوطن فى جميع أبنائه على أى مصلحة.
وأكد "شوشة" أن مصر لن تنسى مواقف البابا شنودة من أجل تعزيز الوحدة الوطنية ومن أجل الدفاع عن عروبة القدس.
وأشار الشاعر الكبير إلى أنه سبق والتقى بالبابا شنودة على المستوى الشخصى، وقضى معه يومًا كاملاً بصحبة أسرته، فى دير النطرون، وأتيح له أن يتعرف على شخصيته الإنسانية وعلى وجدانه الممتلئ بالشعر، وأسمعه – شوشة - بعض شعر – البابا- الذى حفظه له والمنشور فى عدد من الكتب.
وأكد "شوشة" على أن خسارة مصر برحيل البابا شنودة الثالث خسارة فادحة، داعيًا أن يواصل البابا القادم الذى سيقع عليه الاختيار مسيرة البابا شنودة فى الوطنية ومحبة مصر.
(5) مفتى القدس: نثمن مواقف البابا شنودة الوطنية والسياسية

القدس فى 17 مارس / ام سى ان
أعرب الشيخ محمد حسين مفتى القدس والديار الفلسطينية وخطيب المسجد الأقصى عن خالص عزائه للشعب المصرى فى وفاة البابا شنودة الثالث بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية

(6) منظمات حقوقية تنعي «البابا شنودة» وتشيد بدوره في دعم «الوحدة الوطنية»

نعى المجلس القومي لحقوق الإنسان قداسة البابا شنودة الثالث، بابا الإسكندرية، بطريريك الكرازة المرقسية، الذى توفي عن عمر يناهز 89 عاماً، وأشاد المجلس فى بيان له، الأحد، بدور البابا شنودة في دعم المحبة وروح الإخاء بين كل أطياف المجتمع وحرصه على الوحدة الوطنية.وأصدرت المنظمة المصرية لحقوق الإنسان بيانا أعربت فيه عن تعازيها للأمة المصرية في وفاة البابا شنودة، مشيرة إلى مواقف البابا شنودة ودوره الوطني في كل الملمات التي لحقت بمصر، على حد تعبيرها.
وأعرب حافظ أبو سعدة، رئيس المنظمة، عن تعازيه للشعب المصري «الذي فقد واحداً من رموزه البارزة خلال العقود الماضية، وحكيما له دوره الملموس في كل النوائب التي حلت بمصر، فقد كان داعيا لتلاحم نسيج الأمة مسلمين ومسيحيين».
ونعت حركة العدل والمساواة المصرية رحيل البابا شنودة، مؤكدة أنه «أسهم في تقوية روح الوحدة الوطنية في الأوقات، التي كانت مصر معرضة فيها للفتنة، وعاشت قضية القدس ومشكلة فلسطين فى ضميره».
وأشارت إلى دفاعه عن القدس الشريف وتاريخه ومقدساته، وقالت إنه «كان يحرص على إقرار السلم والأمن الاجتماعي بين أبناء الوطن الواحد والأمة الواحدة، إلى جانب اهتمامه باللغة العربية ووضعها فى مصر وكيفية الارتقاء بها، واستطاع وأد العديد من محاولات الفرقة بين المصريين، ولم ينس أحدا منا كلمته التى تعبر عن شخصيته الوطنية (مصر وطن يسكننا ولا نسكنه فحسب)، وكذلك عندما قال: (لن أصل في القدس إلا مع تحرير فلسطين)
وأعرب البيان عن تخوف الحركة من فكرة أن تكون الكنيسة ممثلة سياسيا للأقباط، لأن هذا يعني فرضا سياسيا وطائفيا ليس فى صالح أحد، والتخوف من أن تكون الكنيسة فى مأزق بسبب وجود صراع داخل المجمع المقدس، للوصول إلى هذا الموقع.
من جانبها، اعتبرت شبكة المدافعين عن حقوق الإنسان لمؤسسة عالم جديد للتنمية وحقوق الإنسان، فى بيان لها، وفاة البابا خسارة كبيرة للوطنيين والمخلصين لقضايا أوطانهم، «لأن البابا شنودة عاش حياته رمزا وطنيا ومصريا خالصا، منتميا لتراب مصر، صنعته الأيام من رقائق الحضارات المصرية الإنسانية دون استثناء»، بحسب بيان الشبكة.
ووصف البيان البابا شنودة بالرجل الذي «يصعب تكراره بعد أن عاش حياته في خدمة المصريين، وحمل هموم الوطن برؤية وحكمة ووطنية جديرة بالاحترام والتقدير».
 (7) محمد عبد الحكم دياب
 الفتنة الطائفية في مصر والحقيقة الغائبة
عند تناول أمر بعض أتباع الكنيسة المصرية، كطرف تشير إليه الأصابع في الفتنة الشاملة في مصر، علينا تحري الدقة، دون تعميم الحكم علي كل المسيحيين المصريين، فهم مثلهم مثل غيرهم. ليسوا تيارا واحدا، يمكن تحميله مغبة المشاكل الناجمة عن الفتنة.
ونميل إلي الرأي الذي يعظم من تأثير الاتجاه الانعزالي، والنفوذ الغربي الصهيوني، وغباء وفساد نظام الحكم، وتطرف بعض الجماعات الدينية. كل هذا له تأثيره علي كل المصريين، مسلمين ومسيحيين. وظروف كثيرة مواتية ليأتي هذا التأثير أكله، ويضرب ضربته لتفكيك المجتمع المصري، ويقضي علي الدولة الموحدة، منذ خمسة آلاف سنة. ونعطي الأمر حقه بتوضيح مكانة الكنيسة المصرية، والتعرف علي طبيعتها، كأقدم وأعرق الكنائس، إن لم تكن الأْعرق علي مستوي العالم. ولأنها نشأت مصرية خالصة احتلت مكانة خاصة في قلوب الجميع، ولم تضع نفسها في مستوي باقي الكنائس، الوافدة والغازية، ومنذ ظهورها وهي تعبر عن المصريين الذين اعتنقوا المسيحية، في عصرها الأول. ولم تنشئها قوي خارجية، ولم تتأسس بجهود المبشرين الغربيين، الذين جاءوا في ركاب الحملات العسكرية، ولم ترعها جماعة وافدة ولا منظمة دخيلة، وهذا علي خلاف الكنيسة الغربية، التي ترعرعت في قصور الأباطرة وحصونهم وقلاعهم، حين احتاجوها لتبرير استيلائهم علي بلاد الغير، وفرضت بقوة السلاح علي رعايا وعبيد البلاد الخاضعة، وما زالت مذاهب عدة في الكنيسة الغربية تمهد وتؤازر وتدعم كل نفوذ استعماري وعنصري، وكل إبادة وتطهير عرقي، وكان سهلا عليها أن تتهود وتتصهين.
خلاف النشأة والتاريخ ومسار التطور اتخذت الكنيسة المصرية طابعا وطنيا، تابعنا تجلياته في أكثر من مرحلة تاريخية، أبرزها ما حدث في ثورة 1919. وفي العلاقة الحميمة التي ربطت جمال عبدالناصر والبابا كيرلس السادس، وتجلت في موقف البابا شنودة الثالث في مواجهة السادات ورفضه ما كان مخططا له من توريط مسيحيي مصر في التطبيع مع الدولة الصهيونية، وننقل عن الصحافي سيد علي، في مقال له علي موقع الحركة المصرية من أجل التغيير، قولا للمؤرخ المسيحي المعاصر للفتح الإسلامي يوحنا النيقوسي: احترم عمرو (ابن العاص) أملاك الكنيسة ولم يقترف عملا يعاب عليه، فحيا أهل البلاد عهد السلام الديني وإعادة إنشاء الكنيسة الوطنية وأديرة وادي النطرون ودير الأنبا مقار، وجاء الرهبان أفواجا يؤكدون إخلاصهم للقائد العربي، واستقر في الوجدان الوطني أن الكنيسة المصرية تقف مع وطنها ضد الغزاة والمحتلين. ويسجل المفكر وليم سليمان إعراض المسيحيين المصريين عن النظر إلي حملات الفرنجة، المعروفة باسم الحملات الصليبية، إعراضم عن النظر إلي المشاركين فيها باعتبارهم مسيحيين يدينون بدين واحد. وحين فشل الفرنجة (الصليبيون) في تغيير موقف المسيحيين المصريين منعوهم من زيارة القدس، ورموهم بتهمة الإلحاد. وأخرجوهم من ملة السيد المسيح (عليه السلام)!
استمرا رفض الكنيسة المصرية الانضواء تحت أي لواء أجنبي، ديني أو سياسي. وكثيرا ما اندهشت جماعات التبشير من مواقفها النافرة من الوافدين والغزاة، وتفضيلهم لمواطنيهم المسلمين عليهم، واهتزت الصورة، إلي حد كبير، بسبب استقواء جماعات من مسيحيي الغرب، في الولايات المتحدة تحديدا، من ذوي الأصول المصرية بالمنظمات الصهيو غربية. ومنهم من يعمل جاهدا، مع أنصار له في الداخل، علي تحريض الكنيسة في منازعة الدولة سلطانها، وعلي دفعها لتمثيل جزء من مواطني هذه الدولة وانتزاعهم من مكانتهم في الجماعة الوطنية، وتشجيعها علي تحدي سلطة الدولة في وجودها ودورها.

وعند التدقيق في ملابسات الفتنة حديثا لسوف يلفت النظر أن الجانب الطائفي فيها خرج من منطقة الخانكة بالقليوبية سنة 1972، ثم توالت ووصلت لمرحلة أنذرت بالخطر في أحداث الزاوية الحمراء بالقاهرة في 1981، وأحداث الخانكة واكبت بروز محمد عثمان اسماعيل، أحد مساعدي السادات، واتصاله بالمرشد العام الثالث للإخوان المسلمين، الشيخ عمر التلمساني. يطلب منه دفع الإخوان للتصدي للمعارضة، وكانت وقتها ترفع شعار الحرب ضد الدولة الصهيونية، وإزالة آثار العدوان، إلا أن الشيخ التلمساني، بحرصه ودهائه المعهود، لم يقع في الفخ، ورفض قبول المهمة. وما كان من محمد عثمان اسماعيل إلا أن أخذها علي عاتقه، وتبني فكرة إنشاء جماعات إسلامية في الجامعات. وفر لها التمويل والتدريب والتسليح، بالجنازير والسنج والأسلحة البيضاء واللكمات الحديدية، وأطلقها علي الطلبة المعارضين. وأذكر أن الاجتماع الأول للترويج لهذه الفكرة عقد في مقر اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي العربي، علي كورنيش النيل بالقاهرة، في بدايات 1972. حضره قائد عمالي صديق، عضو في مجلس الأمة (مجلس الشعب الآن)، وكنت يومها علي موعد معه، وجاء رحمه الله مذعورا وقلقا قائلا: البلد في طريقها إلي الخراب، وحكي ما جري في الاجتماع من تحريض علي القوي الوطنية والقومية واليسارية، بكل ألوانها ومكوناتها، وكانت ذات تأثير بالغ علي الرأي العام، واستطاعت عن طريق النشاط الطلابي، من تعبئة الشعب، ووظفت مجلات الحائط والصحف الطلابية للدعوة للحرب وتحرير الأرض المحتلة من قبضة القوات الصهيونية.

وكانت مجلات الحائط والصحف الطلابية مجالا لحوار سياسي ومجتمعي واسع، ولاقت رواجا كبيرا حين ذاك، واستقطبت صحافيين كبارا في صحف الدولة، فكتبوا فيها، وكانت ظاهرة نادرة في تاريخ الصحافة العربية الحديثة. وأهم ما أقلق الصديق هو التصنيف الذي سمعه في ذلك الاجتماع لأعداء الوطن، وكانوا حسب الترتيب: الشيوعية بالمعني الديني الإلحادي، والمسيحية واليهودية، ومن يدقق تاريخيا في ظاهرة التكفير، أثناء السبعينات وبعدها يكتشف أنها تمت برعاية رسمية، وكان ذلك انقلابا مبكرا في التوجه الفكري والأيديولوجي للنظام السياسي، تعزيزا للانقلاب السياسي الذي سبقه ضد دولة عبدالناصر، في 13 أيار (مايو) 1971، وقد كان ثالوث الأعداء قبله هو الاستغلال، ثم الاستعمار والصهيونية، والرجعية المتحالفة معهما، ومعني هذا أن التصنيف السابق الذي صيغ وطنيا وقوميا قابله تصنيف آخر ارتكز علي الدين والمذهب والطائفة.
التوتر الثاني جاء علي درجة أكبر من العنف في حي الزاوية الحمراء الفقير بالقاهرة. في أعقاب زيارة السادات للقدس المحتلة، وتوقيعه لمعاهدة كامب ديفيد، وكان مقدمه صدام مع كل رموز مصر السياسية والدينية، بمن فيهم البابا شنودة، الذي عُزل بعد ذلك، فيما عرف بأحداث أيلول (سبتمبر) 1981، ولم تتراجع الاحتكاكات، وتعددت مواقع الصدام واتسعت، وعكست نموا مضطردا لنشاط الجماعات المتطرفة، وزيادة واضحة في وتيرة استحلال أموال المسيحيين وممتلكاتهم، فتم السطو علي محلات الذهب وغيره، وصحب ذلك سقوط قتلي وجرحي، مثل الذي حدث في قرية الكشح بالصعيد، واستفحل الأمر منذ أن أصبح ملف الفتنة ملفا أمنيا، يختص به جهاز أمن الدولة، مع أنه ملف وطني وسياسي من الدرجة الأولي. وحدث تطوران هامان علي صعيد العلاقة بين الدولة والكنيسة. أولهما وقع في 2004 نتيجة إعلان السيدة وفاء قسطنطين اعتناقها الإسلام، وكانت زوجة لكاهن من قرية أبو المطامير بمحافظة البحيرة، غرب الدلتا، وفيها اعتصم شباب مسيحي غاضب، من مختلف المحافظات، بمقر البابا بحي العباسية في قلب القاهرة، واشتبكوا مع الشرطة وألقوا بالحجارة والطوب علي المارة، مرددين هتافات تطلب دعم شارون وتدخل بوش، وتتوعد مواطنيهم المسلمين بأيام سوداء، وبدا موقف البابا مؤيدا لهم، وامتنع عن عظته الاسبوعية، واعتكف بدير وادي النطرون، وفرض علي الدولة إعادة السيدة وفاء إلي المسيحية، بدعوي أنها متزوجة من كاهن وتعتبر أما للمسيحيين، وكانت قد أكدت أنها أسلمت بمحض إرادتها، وحفظت القرآن ومارست الشعائر الإسلامية لمدة عامين، وسلمت له، وسُمح للكنيسة باحتجازها في أحد الأديرة، وهي ليست جهة قانونية لها سلطة ضبط أو تحقيق، وما زالت محتجزة حتي الآن!! وبذلك أسقطت الكنيسة عنها حق المواطنة، بعد أن منعت من حق الشكوي والتقاضي. وأفرجت أجهزة الأمن عن المحتجزين من الشباب المسيحي.

التطور الثاني ارتبط بأحداث دير أبو فانا بالمنيا في صعيد مصر، في الأسابيع الأخيرة، وفيه نازع أعراب المنطقة رهبان الدير علي أرض ضمت للدير. علي نفس قواعد الفساد القائمة، التي تسمح للصوص والبلطجية وذوي النفوذ بالاستيلاء علي الممتلكات العامة، وبدا البابا، مرة أخري، مؤيدا لموقف الرهبان في مسلكهم المعيب، دينيا وأخلاقيا وقانونيا. وهو ما فاقم من الأزمة، وأخيرا علق البابا حل المشكلة علي بيع الأراضي للرهبان! وإذا كان نظام الحكم، باستبداده وفساده وتبعيته، وإذا كانت الدولة برخاوتها تتحمل مسؤولية كبري في اتساع دائرة الفتنة الشاملة، فهذا لا يعفي الكنيسة منها، خاصة أنها تعاني من الانفصام، فتمارس السلوك وعكسه، وتقوم بالعمل ونقيضه، وإذا كان السيد المسيح، عليه السلام، قد قال من يريد مملكة الله فليتبعني، والكنيسة، حسب هذا الفهم، هي مملكة الله، أي مختصة بالشأن اللاهوتي والروحي، وتخلت عن هذا الدور وغرقت في السياسة وشؤون الحياة حتي أذنيها، وإذا كان السيد المسيح هو نفسه من حسم أمر التعامل مع الدنيا بقوله الشهير ردا علي إحراج الفريسيين له، أعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله، وفصل فصلا تاما بين مملكة الله ومملكة الناس، ومع ذلك أمسكت الكنيسة برقاب أبنائها وأبعدتهم عن العمل العام، وأضعفت مشاركتهم في العمل الوطني، وهذا الانفصام طبع حياة ونشاط الكنيسة طوال عصر البابا شنودة.

نسي كثيرون أن البابا شنودة الثالث استمد عظمته واحترامه بين الناس، مسلمين ومسيحيين بسبب قوله البليغ، الذي تحول إلي حكمة أكثر بلاغة: مصر ليست وطنا نعيش فيه إنما هي وطن يعيش فينا، وموقفه الوطني العظيم بمنع أتباعه من زيارة القدس، وهي تحت الاحتلال، وصرح بأن مسيحيي مصر لن يدخلوا بيت المقدس إلا مع اخوتهم المسلمين، وهو ما أكسبه، وأكسب الكنيسة، حب واحترام الجميع، داخل مصر وخارجها. ماذا جري؟ وحول الكنيسة إلي دولة داخل؟ وتبقي الإجابة معلقة حتي إشعار آخر.

 كنيسة القيامة بالقدس

أول نتيجة لوفاة البابا شنودة
قالت مصادر بقطاع الطيران إن نحو 20 ألف قبطى قدموا طلبات للسماح لهم بدخول إسرائيل وزيارة القدس لقضاء فترة أعياد القيامة فى الأراضى المقدسة، فيما رفضت كنيسة «القديسة هيلانة» الأرثوذكسية بمدينة القدس المحتلة استقبال الأقباط الذين توجهوا إلى المدينة المقدسة، بينما أكدت الكنيسة الأرثوذكسية تمسكها بقرار البابا الراحل شنودة الثالث منع زيارة القدس، فى ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلى، وردت الكنيسة المصرية على تنظيم رحلات لمئات الأقباط إلى القدس ببيان، مساء أمس الأول، أكدت فيه أن «جميع القرارات التى أصدرها البابا شنودة الثالث لم يتم تغييرها أو المساس بها أو الرجوع فيها». من جانبه، أعلن القس ميصائيل، كاهن كنيسة القديسة هيلانة (الجزء المصرى فى كنيسة القيامة بالقدس)، أن الكنيسة رفضت استقبال عدد من المسيحيين المصريين الذى قدموا إلى القدس هذا العام للاحتفال بعيد القيامة المجيد. وقال فى تصريحات صحفية، أمس: «بناء على تعليمات الأنبا أبراهام مطران القدس والشرق الأدنى فلم نسمح لهم بالصلاة أو ممارسة طقس التناول، الأمر الذى أغضبهم بشدة حتى إن بعضهم أراد التشاجر معنا». إلى ذلك، قررت شركة إير سيناء للطيران رفع معدل رحلاتها إلى تل أبيب، لاستيعاب الطلب للسفر للأقباط المسيحيين الراغبين فى قضاء إجازة عيد القيامة بالقدس الشريف، ووفقا لمصادر بالشركة فإن الذين سيسافرون خلال الأيام المقبلة سيصل عددهم إلى 18 ألفا، وأن الطلبات التى قدمت لدير الكنيسة القبطية بالقدس وصلت إلى أكثر من 20 ألف طلب، موضحة أن الشركة تدرس تنظيم رحلات مباشرة من المحافظات البعيدة. طالع المزيد .
إخواني وبني جلدتي: زيارة إخواني النصارى لكنيسة القيامة يحمل الكثير من الدلالات والتي منها اعتراف ضمني بيهودية القدس، علاوة على حدوث نوع من الشرخ بين أخوة الوطن وعنصري الأمة، هذا بخلاف العائد الإقتصادي الذي يستفيد منه الصهاينة نتيجة لتلك الرحلات ... الخ وهنا هل يستحق منا ذلك الرجل أن نقول له وداعا ؟! أم ؟!



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

http://alfahd999.blogspot.com/